الثلاثاء، 1 نوفمبر 2022

إلى شباب العشرين

  

 

العشرينات.. و ما أدراك ما العشرينات! كعادة الانسان.. لا يبدأ في التأمل و مراجعة الحسابات إلا عند الاقتراب من نهاية الشيء أو الأمر. و لأني في سن أقترب فيه من نهاية العشرينات و إلى بداية الثلاثينات، بدأت أراجع حساباتي و ما آلت إليه حياتي.

لو أردنا أن نتكلم عن الحقب العمرية، لرأينا بأن العشرينات هي أهم حقبة عمرية يمر بها الانسان (بوعيه و اختياره). سن العشرين و حتى التاسعة و العشرين، هي أهم سنوات تمر في حياة الانسان. فقبل العشرين-منذ الولادة و حتى التاسعة عشر-يمر الانسان بمراحل الطفولة و المراهقة حتى بداية عمر الشباب، و في هذه السنوات، تُفرض عليه بيئة و محيط و دراسة معينة، لا يختار أياً منها في معظم الأوقات.. حتى يدخل سن العشرين. عندما يدخل الانسان سن العشرين، يُصبح راشداً في نظر القانون. يُصبح قادراً على اختيار ما يريد و ما لا يريد في حياته. يستطيع أن يختار ماذا سيعمل و أين سيعيش و من سيصاحب و مع من سيتعامل.. إلخ.

في العشرين تصبح حياة الانسان و خياراته في يده، لا في يد عائلته ولا في يد الدولة. و لهذا العشرينات هي أهم وقت في حياة الانسان.. هي الفترة العمرية التي تحدد الانسان و كيف سيكون شكله في المستقبل، كما تتناول ذلك الكاتبة ميغ جاي في كتابها (THE DEFINING DECADE: WHY YOUR TWENTIES MATTER AND HOW TO MAKE THE MOST OF THEM NOW).

و ها أنا شخصياً و أنا على عتبة الثلاثينات، أتمعن في كل ذلك، و أفكر فيما كان يجب علي فعله أو عدم فعله في سن العشرين. و أخلص إلى أهم نصيحتين يمكن إسدائها لأي شاب أو شابة في سن العشرين، أو يقتربون إلى سن العشرين.

نصيحتي الأولى هي استغلوا هذه السنوات في معرفة أنفسكم.. ماذا تحبون.. ماذا تكرهون.. ما هي خططكم في المستقبل.. ما هي اهتماماتكم.. ما هي قيمكم.. ما هو شكل و أطباع الأشخاص الذين تريدون أن يكونوا في حياتكم.. و ما هي طبيعة و قيم الشخص الذي تريدون أن تقضوا باقي عمركم معه!

نصيحتي الثانية هي اعملوا في هذه السنوات على أنفسكم.. طوروا مهاراتكم و ابحثوا عن عمل أو أكثر يدر لكم دخلاً أو اثنين! و في الوقت نفسه، لا تقضوا هذه السنوات في العمل فقط.. حتى لا تدخلوا سن الثلاثين و أنتم محترقين (burnout) أو و أنتم بجدية الثلاثين قبل أن تدخلوها! عندها سيصعب عليكم الاستمتاع بوقتكم خاصة و إن أدمنتم العمل! بل عليكم أن تلعبوا أيضاً و أن تمرحوا و تسافروا و تتعرفوا على الناس و توسعوا دائرتكم الاجتماعية.. و لكن احذروا أن تقضوا سن العشرينات في اللعب فقط، حتى لا تباغتكم الثلاثينات دون أن تكونوا قد أسستم أنفسكم! فتكونون بلا عمل و لا مهارة و لا مهنة ولا عائلة! يجب عليكم أن توازنوا بين العمل و اللعب في سن العشرينات، حتى لا يضيع منكم جوهر العشرينات!

أخيراً، أقول لك عزيزي العشريني، لا تأخذ الأمور بجدية و بشكل شخصي، فكلنا في هذا العمر، لم نعرف ما نفعل أو صحة ما نفعله.. و لذلك، استمتع بكل لحظة من عملك و لعبك.. و الأهم من كل ذلك.. عش، و لا تنسى أن تعيش!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...