الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

تحرروا من مشاعركم!

 

 

 

الانسان، كتلة مشاعر و أحاسيس و أفكار و وعي و لا وعي، و الكثير من الأشياء و الأمور التي نعرفها و لا نعرفها عن الانسان! و كي نحاول أن نحصل على حياة سعيدة صحية رائعة، يجب علينا أولاً أن نتعامل مع ما في داخلنا قبل أن نتعامل مع العالم الخارجي من حولنا. و من أهم الأمور التي علينا التركيز و العمل عليها هي مشاعرنا. لماذا؟ لأن ما نشعر به في دواخلنا، سنرى انعكاسه في العالم الخارجي من حولنا! إن كنا أشخاصاً خائفين.. سنرى العالم، مظلم و مخيف! و إن كنا أشخاصاً مرتاحين.. سنرى العالم، هادئ و مليء بالخير! و إن كنا أشخاصاً يأكلها الإحساس بالذنب، سنرى العالم، بلا أمان! و هكذا! ما نشعر به في داخلنا، سنراه في العالم و الناس! إن كنا نشعر بأننا في داخلنا ناس خيرين حقاً، سنرى بأن الناس خيرين و طيبين! إلخ..

و لأن المشاعر، بهذه الأهمية، فإن طريقة تعاملنا معها، ستحدد الحياة التي سنعيشها. إن كنا من النوع الذي يتمسك بمشاعره السلبية مثل الغضب، و الشعور بالذنب، فإننا سنحيا حياة أقل سعادة من أولئك الذين يختارون عدم التمسك بهذه المشاعر السلبية. و في كتابه (السماح بالرحيل)، يتناول ديفيد هاوكينز طريقة للتحرر من المشاعر السلبية و عدم التمسك بها، ألا و هي أن يشعر الانسان (بالشعور السلبي أياً كان) غضب.. خوف.. لوم.. حزن.. و أن يستسلم له في لحظة احساسه بهذا الشعور، دون أن يحكم على هذا الشعور أو أن ينتقده.. فلا يسمع أفكاره حول هذا الشعور، بل و يتجاهل أفكاره، و يعطي الاهتمام كاملاً لمشاعره. فإن أتت الانسان، مثلاً فكرة تقول له أن: "هذا الموضوع صغير و لا يستحق الحزن". على الانسان أن يتجاهل هذه الفكرة، و يُكمل شعوره حتى ينتهي الشعور. حتى لا تقطع أفكاره شعوره، مدعياً بأنه غير حزين على هذا الموضوع، و أنه فعلاً لا يستحق الحزن، ثم يجد الانسان نفسه غداً حزين على الموضوع نفسه، دون أن يكون قد تجاوزه بالأمس!

حل التعامل مع المشاعر، و بالتالي العيش حياة رغيدة، هي أن يدع الانسان مشاعره تأخذ مجراها، إن كان يشعر بمشاعر السعادة فليسعد، و إن كان يشعر بالحزن، فليحزن. المهم أن تأخذ مشاعره حقها بلا نقصان. فالمشاعر لا بد لها أن تنفد في النهاية، بعكس الأفكار، التي ما إن تبدأ حتى يصعب إيقافها، و لذلك فرقوا بين مشاعركم و أفكاركم! اشعروا بمشاعركم كاملة، دون أن تقعوا في فخ أفكاركم! فالأفكار تُغذي المشاعر، و من ثم المشاعر بدورها ستغذي الأفكار، و سيصبح الانسان بعد ذلك في دوامة يصعب إخراجها منه! الشخص الغاضب، إن استمع إلى أفكاره السلبية، سيزيد غضبه أكثر! بعكس الشخص الغاضب الذي شعر بغضبه ثم اختار التحرر منه شيئاً فشيئاً دون أن يعطي لأفكاره مجال! هذا الشخص سيصبح هادئاً بعد عدة دقائق، بعكس الشخص الأول الذي تمسك بمشاعره، و من ثم وقع في فخ أفكاره!

تجردوا من مشاعركم، و تحرروا منها! و لا تجعلوها ضحية لأفكاركم! كونوا أنتم قبطان السفينة، و تحرروا من الحمولة الزائدة ما إن تشعروا بها، حتى لا تغرق السفينة، و تغرقوا معها!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...