نشرت منذ فترة، امرأة قصة التحرش بطفلتها على الانستجرام. روت فيها ماذا حدث لابنتها الصغيرة في الحضانة، و كيف أنها-أي الأم-حاولت أن توقف العاملة المتحرشة عن العمل دون جدوى. تفاعل المجتمع القطري في انستجرام مع القصة بالتعليقات الداعمة و بنشر القصة في كل مكان لتأخذ الأم حق طفلتها، حتى أنهم قاموا بإرسال القصة لعدد من الجهات في الدولة مثل مركز أمان و وزارة الداخلية لفتح تحقيق حول الموضوع. و تم ذلك و لله الحمد، و لكن أكثر ما لفت انتباهي، بأن الكثير من المهتمين بالقصة، أرسلوها لموقع Doha News (أخبار الدوحة) الإخباري الناطق باللغة الإنجليزية لنشر الخبر و التحقيق فيه. و فعلاً، قام موقع أخبار الدوحة بنشر الخبر بعدها بأيام. و من ثم نشر بعد الخبر مقالة مطولة عن كيفية تحدث الآباء لأطفالهم عن التحرش الجنسي. مقالي هذا ليس دعاية لأخبار الدوحة، فأنا لا أتفق مع كل ما ينشرونه، و لكن يُحسب لهم أسبقيتهم و تميزهم في نقل الخبر و نشر التحقيقات في قطر. و من هنا يُطرح السؤال عن الصحافة القطرية الورقية. أين هم و ماذا حصل لهم؟
الحقيقة بأن لا أحد-وأنا منهم-فكر بإرسال خبر التحرش بالطفلة لصحيفة قطرية. ما السبب؟ ما العلة وراء تراجع الصحف القطرية في السنوات الماضية؟ الطرح لم يعد كما كان. الأخبار في الصحف القطرية أصبحت متشابهة، و الفرق بينهم في العناوين وحسب. التحقيقات المحلية قليلة و أغلبها بلا فائدة تذكر. و المقالات أصبحت ضعيفة، و لا تثير القارئ كما كان يحدث بالسابق. و فوق هذا كله، المواقع الإلكترونية للصحف باهتة و بطيئة، وغير مواكبة لوقتنا هذا!
أسباب تراجع حال الصحف القطرية متعددة، منها هجرة كتاب المقالات عالم الصحافة التقليدي إلى العالم الافتراضي الرحب غير المقيد بزمان أو مكان أو رقيب! و ضعف مؤهلات المسؤولين عن الأخبار و التحقيقات و الموقع الإلكتروني و عواميد الرأي. بل و قد تكون المشكلة إدارية بحتة! الأكيد بأن على المسؤولين في الصحف القطرية مراجعة أنفسهم و صحفهم لتحديد مواطن المشكلة و من ثم علاجها. فبعد أن كانت الصحف القطرية منافسة لبعضها البعض وفي محيطها، أصبحت نسخاً مكررة لا يميزها سوى رسوم الكاريكاتير لفنانين رائعين أمثال محمد عبداللطيف و عبدالله السبيعي!
واقع الصحافة القطرية بشكل عام، لا يسر، و لكن عندما نقارن الصحافة الورقية بالتلفزيونية، نجد بأن التلفزيونية أفضل بكثير من نظيرتها، ففيها على الأقل، محاولات للتغيير و للتطوير كما حدث على سبيل المثال في تلفزيون قطر عبر برنامج الحقيقة، و كما يحدث باستمرار في قنوات الكأس و الريان في محاولاتهم لاستقطاب الشباب القطريين و تشجيعهم. بقي لنا أن ننتظر ثورة الصحف القطرية. متى ستحدث هذه الثورة و كيف؟ متى ستلتفت الصحف إلى قضايا المجتمع و تنقل الواقع؟ هذا ما سيكشفه الوقت لنا. كل ما أتمناه هو حدوث ذلك قبل هجرة القراء التامة للصحف القطرية.
جواهر محمد آل ثاني