الأحد، 15 أبريل 2012

الفن الغائب الحاضر

تُعتبر المسرحية فناً حديث النشأة في الخليج بالنسبة لغيرنا من دول العالم، وتُعتبر أيضاً فناً غائباً وغريباً لا يحضر إلا مرة في السنة، وإن حضر لم يلق الجمهور العريض الذي يطالب بالمزيد. كما أن المسرح النشط الذي وُجد لدينا في فترة من الفترات في الشقيقة القائدة الكويت، في عروض عبدالحسين عبدالرضا وعبدالرحمن العقل وغيرهم من الكبار الذين أتحفونا بروائع ذات ألوان فاقعة لا تزال ذكراها عالقة في الذاكرة، غاب. وهنا أخصص بالذكر المسرحيات الاجتماعية والكوميدية، لأن غيرها من الأنواع يكاد ينعدم ويغيب في الخليج مع جمهوره الضعيف، أما المسرحان الكوميدي والاجتماعي فلا يزالان حتى الآن يستقطبان المتابعين من كل الأعمار، ومن كل مكان في الخليج، حتى إن بعضهم يتنقل، فقط، من أجل أن يحضر عرضاً ما لممثل ما. والرائد في هذه الأنواع من المسرحيات، كان وما زال المسرح الكويتي، ولذلك من المؤلم أن نراه في الآونة الأخيرة ينقسم إلى مسرحين، مسرح السلام بقيادة عبدالعزيز المسلم، ومجموعة فروغي برئاسة طارق العلي، وحتى عندما نُقسم الصورة في الكويت بهذا الشكل نظلمها قليلاً، لأن أكثر مسرحيات الفنان عبدالعزيز المسلم على مدى العقد الماضي كانت تتشح برداء الرعب الأبيض والطابع الأدريناليني باستثناء مسرحيات قليلة منها الأخيرة (الزوج يريد تغيير المدام) والتي وصل عرضها إلى قطر قبل شهرين.
لا ننكر وجود المسرح الخليجي، ولكن التركيز يُصب دائماً على الكويتي، لأنه هو المعين الذي لا ينضب، فهو يستمر حينما ينقطع غيره في الخليج لفترات متباعدة، ولهذا فإن الكثير يعتبرون أن المسرح الكويتي هو المسرح الخليجي، والخليجي هو الكويتي، وأي خشبة أخرى تُبعث من دولنا لا بد أن يكون قد انعكس عليها بعض من نور المسرح الكويتي ونبضه، الذي ضعف في الآونة الأخيرة مع تصويره في مسرحين فقط، هما مسرحا الفنانين المسلم والعلي، مع ظهور غيرهم في عروض ضعيفة الإمكانيات بين الفينة والأخرى، تحاول منافسة العمالقة في قعر دارهم.
لا يمكن أبداً أن يُستعاض الفن المسرحي بالمسلسلات والأفلام، فهو فن نقل الصورة والمشاعر والروائح الحية التي تنقل الجالس على الكرسي الأحمر إلى عالم ثان، يشعر فيه بأنه يستطيع ملامسة الممثل الواقع في زمن آخر، وفي قصة أخرى يراها تتجسد أمامه. وبذلك، فلا بد أن ينتهي احتكار البعض للمسرح الخليجي، وأن تُعطى الفرصة للمبدعين من الشباب لإعطاء نظراتهم المختلفة على تلك الخشبة الطويلة، كي تتطور وترتفع بعدما وصلت إلى القاع بسبب التدهور الذي وقعت فيه بعدما تحول مفهوم الكوميديا عند بعض الممثلين إلى كونه مجرد تهريج وقلة ذوق!
لا بد أن يُرفع الظلم عن المسرح الخليجي، وأن يتنوع في شقيه الكوميدي والاجتماعي، فبتطور السينما والتلفزيون، لا ضرر في أن يتطور المسرح معهما ليعكسوا كلهم المد الثقافي الذي اجتاح المنطقة في السنوات السابقة، وخاصة بعد الربيع العربي وإلهامه.



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...