الخميس، 13 نوفمبر 2014

مقال غير توجيهي

تدور قصة فيلم «مقبول» أو accepted حول مجموعة من الشباب لم يتم قبولهم في أي جامعة قدموا طلبات تسجيلهم فيها. تبدأ القصة مع إنشائهم لجامعة وهمية كيلا يخيبوا ظن آبائهم، ولكن الوضع يتطور ليجدوا أنفسهم أمام مجموعة كبيرة من «المرفوضين» أمثالهم، وهم يطلبون الدخول إلى الجامعة التي أنشأها الطلاب. رغم أن مشكلة رفض الطلبة من دخول الجامعات لأسباب عدة موجودة في كل مكان ومهمة ويجب التعرض لها، إلا أن معرض حديثي سأتناوله من جانب مختلف، ومختلف هو ما يجب أن أكون.
سأبدأ من حيث انتهى الفيلم، من مشهد يقول فيه الدكتور للطلبة في يوم التوجيه «orientation day»: «اليوم ليس يوم التوجيه orientation بل هو يوم عدم توجيهكم «disorientation day» لقد تم توجيهكم طوال حياتكم، والآن حان الوقت ليتغير ذلك». بهذه العبارة التي قالها الدكتور ضاحكاً مع الطلبة انتهى الفيلم الكوميدي، ولكنها لم تكن بالمزحة ولا بالسخافة، بل فلسفة يتم طرحها وتعلمها في كليات الفلسفة تحت أسماء الشك وعدم الإيمان ومرات كثيرة تحت مسمى الإيمان نفسه، لأن ضياع المرء وإيجاده طريقه بنفسه أفضل مائة مرة من أن يدربه أحد على الطريق فيحفظه وهو مغمض عينيه عن كل ما سواه، في الحالة الأولى سيصل مؤمناً، أما في الثانية سيصل بعد أن تم تلقينه إيمان غيره.
نعيش خطأ لا يتعلم ولا يتحمل الصحة، منذ بداية حياتنا يتم توجيهنا من الإجبار على المشي والكلام إلى دخول المدرسة وتعلم الرياضات أو العزف على آلة موسيقية أو تعلم لغة أخرى، وفي حالات كثيرة لا تكون الاختيارات خاطئة، ولكنها غير مناسبة للشخص نفسه، لأن ميوله مختلفة ويجبر على ميول غيره لأسباب نفسية أو اقتصادية أو لاعتبارات اجتماعية أو سياسية. يعلموننا ماذا نحب وماذا نكره. من نحب ومن نكره. ماذا نريد وماذا سنتجنب. ما نقتنع به وما نرفض الاستماع إليه. يعلموننا ويوجهوننا ويسيروننا على ما يشتهون وما يريده المجتمع وما عرفه الآباء والأجداد، بدل أن يعلمونا كيف نحب، ولماذا نحب، ولماذا نكره، وكيف نتعلم بأنفسنا وبأدواتنا وأساليبنا، ولماذا سنتجنب، ولماذا سنقتنع، وكيف سنستمع لما نكره أو غير ما نألفه، وكيف سنتقبل ونتفهم، ولماذا نفعل كل ذلك.
هذه الفلسفة ليست مقتصرة على الفلاسفة ولا المثقفين الواعين حيث يتحدث عنها -وإن لم يكن بشكل مباشر في بعض الأحيان- فقهاء الإسلام المعتدلون الذين يحضون على إعمال العقل وزحزحة الفكر وعدم الخضوع لأي مبدأ أو فتوى بلا سابق اعتبار واعتمادها بـ «آمين»! هذا ما نحتاج البدء منه والرجوع عليه، خاصة في عالم انتشرت فيه الدواعش في الهشيم!

ملاحظة:
بغض النظر عن عنوان المقال، أقول لكم إن الهدف منه هو توجيهكم إلى عدم التوجيه.



جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...