السبت، 14 مايو 2022

لا تجعلوا الأشرار مشاهير!

  

 

القصة الأولى تتحدث عن سيمون ليفيف وهو محتال اسرائيلي قضى أيامه مدعياً بأنه رجل أعمال كي يخدع النساء و يأخذ أموالهم و القروض التي يحصلن عليها من أجل إعطائها له دون أن يرد لهن شيكلاً واحد!

القصة الثانية عن آنا ديلفي و هي وريثة أموال أبيها في ألمانيا أو هذا ما جعلت كبار مستثمري نيويورك يظنونه كي يضخوا أموالهم في جيبها لتعيش حياة الأثرياء المترفة.

القصة الثالثة هي عن جو اكزوتيك. جو اكزوتيك هو بالضبط كما يدعي. رجل أرعن أحمق مزعج، سيحارب كل من سيقف في وجهه و في وجه أحلامه.. الناس.. الحكومة.. و حتى الحيوانات!

قد يبدو أبطال هذه القصص الثلاثة بلا قواسم مشتركة لمن لا يعرفهم، و لكن من سمع عنهم، سيعرف بأن بينهم الكثير من القواسم المشتركة. فجميعهم سيئين و محتالين و كاذبين و أضروا الكثير من الناس حولهم، و لكن القاسم الكبير المشترك بينهم، بأنهم جميعهم مشهورون! جميعهم أُعدت برامج و مسلسلات حولهم و أصبحوا معروفين للناس. و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استفادوا من شهرتهم هذه التي أعطاها الناس لهم. سيمون ليفيف أصبح يواعد عارضة أزياء و وكل مدير أعمال ليبحث له عن فرص تمثيل في هوليوود.. آنا ديلفي دفعت لها نتفلكس ما يزيد على ٣٠٠ ألف دولار لقاء الحصول على حقوق قصتها.. جو اكزوتيك يتلقى الهدايا و زيارات المعجبين في سجنه بل أن بعض المعجبين يحاول إطلاق سراحه اليوم!

من السهل جداً لوم نتفلكس و شركات الإنتاج على جعل هؤلاء مشاهير.. و لكنها شركات في النهاية، جُل هم أصحابها هو المردود المالي، و لكن ما عذر الجماهير و المعجبين الذين يركضون وراء هؤلاء و يجعلونهم أكثر شهرة و غنى؟!

قبل عدة أعوام انتشرت عبارة "لا تجعلوا الأغبياء مشاهير" على أنحاء مواقع التواصل الاجتماعي، و كانت تلك إشارة إلى بعض من اشتهروا بسبب مقاطع فيديو غبية أو أمور غبية تلفظوا بها و انتشرت، فأصبحوا شهيرين بسببها لا لسبب آخر مقنع مثل القيام بعمل عظيم أو التفرد بمهارة مميزة. و اليوم انتقلنا من جعل الأغبياء مشاهير، إلى جعل الناس السيئة، مشاهير و أغنياء!

هذا الجو العام الذي نعيشه، و الذي فيه يتم مكافأة الأشرار بالشهرة و المال، سيكون له تأثير كبير على الأجيال القادمة التي ستظن بأنه من المسموح لها أن تكذب و تحتال و تسرق من أجل المال و الشهرة، و أنه لن يطالها العقاب بل ستُكافئ كما تمت مكافئة من أتى قبلها-أو على أكثر تقدير-ضربها على الرسغ كتحذير قبل أن تستلم جوائز الشهرة و المال!

يجب أن نعرف و أن نُعلم غيرنا بأن هذه القصص هي قصص تحذيرية لا قصص خيالية في نهايتها يفوز الأمير بيد الأميرة! و أننا نحن من يغذي شهرة هؤلاء الأشرار الذين يملئون شاشتنا، و نحن من نستطيع أن نسحب البساط من تحتهم!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...