السبت، 24 سبتمبر 2022

لا تنكد على نفسك!

 الحياة صعبة و طويلة في متاعبها و عثراتها، و بالتالي يجب علينا نحن البشر أن نحاول تسهيلها قدر الإمكان، هذا هو الواجب و المفترض، و لكن بدلاً عن ذلك، نجد أنفسنا نصعب حياتنا من دون أن ندري في الكثير من الأحوال.

من الأمور التي نحب فعلها لإثقال حياتنا و أنفسنا، هي التفكير بكل صغيرة و كبيرة، و كأننا بلا أعمال و لا أطفال يشغلوننا و يشغلون حياتنا!

و نحب أيضاً التفكير فوراً بأسوأ سيناريو ممكن حصوله! فإن أردنا أن نسافر، نفكر حالاً بإمكانية وقوع الطائرة في المحيط! و إن سمعنا عن مرض أحد الأقارب البعيدين تنعكس في بالنا صورة وفاته قبل أن نراه! و لا نفكر في مقدار السعادة التي ستجتاحنا حال سفرنا أو شفاء قريبنا من مرضه و زيارته لنا! لا نفعل أياً من ذلك، بل نمسك بالخطوط السوداوية فقط، و نشكل القصص الخيالية في رؤوسنا!

في كتابه (لا تفكر في الأمور الصغيرة) يسدي ريتشارد كارلسون بعض النصائح المفيدة لعيش حياة أفضل خالية من "تنكيد الذات"، و أقصد بذلك الحالات التي ينكد فيها الانسان على نفسه بدون سبب.

و من هذه النصائح قوله: "فكر في مشاكلك على أنها فرصة للتعلم". كل أمر يحدث لك في هذه الحياة، يحمل معه سبباً ما، قد يتبين لك السبب غداً، و قد لا يتبين لك على الإطلاق، و عليك أن تتقبل ذلك و أن تحاول التعلم منه. هذه أفضل طريقة تستطيع بها قضاء حياتك.. عبر القبول و من ثم التعلم و المضي قدماً.

و من النصائح التي ذكرها كارلسون: "ردد هذه العبارة دائماً: الحياة ليست حالة طوارئ!". و أعتقد بأننا دائماً ننسى هذا الأمر. الحياة ليست حالة طوارئ. لا أحد يلاحقنا.. لا يوجد سبب لإمضاء حياتنا و نحن على أعصابنا.. كل ما نشعر به و نمر به مؤقت و ليس طارئ.. سيمر كما مر ما قبله، و كما سيمر ما بعده. لن يحدث أي شيء مدمر إذا ما قررنا التروي و قضاء وقتنا بهدوء!

أخيراً، يقول كارلسون: "استسلم إلى حقيقة أن الحياة ليست عادلة!". هذه أكثر نصيحة مريحة يستطيع الانسان أن يعتمد عليها كي يشعر بأنه أفضل. الحياة مجحفة، هذه هي الحقيقة. قد يقوم اثنان بالعمل نفسه، فيحصل أحدهم على المال و التقدير دون الثاني. قد يعمل الانسان طوال حياته دون أن يحصل على شيء، و قد يحصل انسان على كل شيء دون أن يرفع طرف اصبعه. هذه هي الحياة. لا أعني بكلامي هذا بأن على الانسان أن يتقبل الظلم. بتاتاً، و لكن ظلم الانسان يختلف عن ظلم الحياة.. في أحيان كثيرة تحدث أمور دون تدخل الانسان، كأن يولد الانسان و في فمه ملعقة ذهب. و كأن يعمل الانسان طوال حياته و في كل مرة يتحصل فيها على قرشين، يقع حظه العاثر، فيخسر القرشين! و في جميع الأحوال، الحياة تسهل كثيراً، إذا ما تقبل الانسان حياته مهما كانت، و مضى فيها.. قبوله سيجعل كل شيء أسهل.. حتى المصاعب سيكون بلعها أسهل!

الحياة، عزيزي القارئ صعبة وطويلة بما فيه الكفاية.. لا تجعلها أسوأ بيدك و بأفكارك. تخلص من أفكارك و عقدك التافهة، و انشغل بما هو أهم!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...