الانسان يسترخي بطرق عديدة.. البعض يسترخي بالرياضة.. البعض بالاستلقاء و مشاهدة التلفاز.. البعض بالخروج من المنزل.. البعض بالسفر، و البعض يسترخي بكل هذه الطرق معاً! و من السبل الجميلة للاسترخاء.. الاستحمام بالطبيعة.. (NATURE BATHING) أو ما يسميه اليابانيين بالاستحمام بالغابة (FOREST BATHING)، و هي تقنية قديمة عندهم للاسترخاء عبر الاتصال بالغابة. و يُقصد بذلك المشي ببطء في الغابة و الاسترخاء عبر التواجد فيها و تشربها و التأمل و التفكر فيها. و اليابانيين يحصرون هذا النوع في الاسترخاء بالغابة لأنها الطبيعة السائدة في بلادهم، و لكني أجد بأن هذا النوع من الاسترخاء يمتد إلى أبعد من الغابة.. و يصل إلى الصحراء و الشلالات و الشواطئ و الجبال و التلال و الأودية و البحيرات. من قال بأن الاستحمام بالطبيعة يجب أن يكون في الغابة فقط؟ بالطبع اليابانيين طوروا هذه الطريقة للاسترخاء كما يناسبهم و يناسب بلادهم، بل وصلوا إلى مرحلة أن وضعوا برامج كاملة للاسترخاء عبر الاستحمام في الغابة، و يكون البرنامج عبر الذهاب إلى طبيب عضوي و نفسي يكشف على الزبون و من ثم يضع له برنامج خاص للاسترخاء و المشي في الغابة مع مرشد خاص!
الاستحمام بالطبيعة، هو فعل آتاه العرب منذ أزمان بعيدة، و منهم نبينا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم، عندما كان يعتزل قومه كل ليلة في غار حراء في جبل النور في مكة. الغار الذي تحيط به الجبال و السماء الصافية من كل اتجاه. و الاستحمام بالطبيعة كفعل باعث على الاسترخاء هو الاتصال بالطبيعة، بكل حواسنا عبر المشي البطيء و التأمل فيها و تشربها بأعيننا و آذاننا و حاسة الشم و اللمس و حتى التذوق إن أمكن. فيكون عبر التفكر و التأمل و المشي بالطبيعة و تنفسها و تشربها تماماً. و قد يرى البعض بأنها تشبه التأمل MEDITATION ، و لكنها تختلف عنه أو قد تكون نوعاً من أنواع التأمل و لكنها ليست التأمل الذي نعرفه. ففي التأمل نحن ننظر إلى دواخلنا، و نركز على أنفسنا و طريقة تنفسنا و نفعل ذلك بلا حركة، و لكن في الاستحمام بالطبيعة، نحن نركز على الطبيعة لا أنفسنا، و يمكننا خلال ذلك المشي أو الجلوس أو لمس الأشجار أو تسلق الصخر و غيرها من الأفعال التي لا تتطلب حركات كثيرة في الطبيعة.
تشرب الطبيعة و تنفسها من الأفعال التي قد ترسل الدفء و الاطمئنان في داخل المرء، وهي ما أنصح به عندما تسنح للمرء الفرصة. استندوا على الأشجار في الغابات. قفوا على الشواطئ و راقبوا الأمواج. اجلسوا على التلال الرملية في الصحراء. تشربوا الطبيعة، و تنفسوها.. فنحن جزء منها، و هي جزء منا، و باتحاد أجزاء الأرض ترتاح الروح!
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق