الأربعاء، 25 يوليو 2012

ماذا عن ربيع الفن؟

قبل ديسمبر 2010، كان الفن الوحيد المسموح به في معظم دول العالم العربي هو الفن المقيد، أي الفن الذي يسمح به الحاكم في الدولة، ولكن بعد ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا، وأخيراً سوريا، وقيام الكثير من الاحتجاجات التي سادت الوطن العربي، وحولته إلى وطن ثوري، رُفع سقف حرية التعبير، الذي رفع معه بشكل تلقائي سقف الفن، توأمه الروحي، حيث استمعنا إلى موسيقى النصر، وتمتعنا بلوحات الجرافيتي، واندمجنا بمسلسلات، لم تكن لترى النور في عصور مظلمة، سبقت هذا العصر الذي يحمل الطابع الربيعي.
حرية التعبير التي ارتفع صوتها، فسمحت لصوت الفن بأن يصدح، لم تكن لأهل الفن فقط، بل لأهل الدين -رجال الدين- أيضاً، فعلت أصواتهم بعدما كانت مدفونة بجانب الفن الحر.
ووصل مرشح الإخوان المسلمين إلى أعلى منصب في مصر، ليصبح رئيساً للجمهورية، وفاز أعضاء الأحزاب الإسلامية -أو كما تسميهم الصحافة «الإسلاميون»- بأغلبيات ساحقة في معظم الدول العربية التي جرت بها الانتخابات مؤخراً، ولا يزال نجمهم في صعود. والسؤال هنا: هل سيقمع «الإسلاميون» حرية تعبير الفنانين، التي لولاها لما وصلوا إلى مناصبهم اليوم؟ جواب هذا السؤال هو قطعاً لا، أما السبب فهو أنهم لن يقدروا على ذلك وإن أرادوا، فرغم حدوث بعض الحوادث المتفرقة هنا وهناك، إلا أن هذه الحوادث لن تمنع الرسامين من الرسم في تونس، ولا الممثلين من المشاركة في الأفلام في مصر، مثلاً. الشعب اليوم لا يريد فقط، بل يعي، وهذا سلاح في يده ضد أي فئة تريد استغلاله أو حتى حكمه.
قمع الفن -وأعني هنا غير المسيء والبذيء- لن يجعل أحوال الأمة أفضل، بل على العكس، كما أنه تعد على حريات الأفراد الذين قد يختارون طريقه أو حتى التمتع به، ورجال الجماعات الإسلامية الذين يرون في ذلك حلاً، أخطؤوا كما أخطأ من قبلهم الطغاة، فهم اختاروا نيابة عن الشعب، رغم أن هذه الأمور يمكن تركها للشعب، ليقررها بنفسه مباشرة، سواء أراد أن يرى أي أنواع الفن في بيته، أم لا.



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
نُشر بتاريخ: 2012-07-12



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...