نشر الزميل القدير فيصل المرزوقي في الأسبوع الماضي، مقالاً باسم «بسنا حريم» كتب فيه عن المرأة وكيف أنها «أُقحمت» لتعمل في كل مكان في قطر في السنوات الأخيرة، وكيف أنها أفسدت «بقيادتها» بعض المؤسسات. استفز المقال البعض وأيده البعض الآخر، مثل الكاتبة ابتسام آل سعد التي كتبت مقالاً بنفس الاسم تؤيد فيه فكرة المرزوقي، بل إنها تزيد وتقول بأن القوامة يجب أن تكون للرجال فقط، وأنه يجب على النساء أن يكففن عنها! وأنا أستغرب قولها هذا وهي التي تقول في نفس المقال بأنها قد تجد نفسها يوماً ما «كوزيرة» إن ابتسم لها القدر!
أختلف مع الكاتبين الفاضلين، وليس لأن الاتهام قد وُجه لأفراد جنسي، بل لأني لا أرى كيف يمكن «للجنس» أن يفسد وزارة أو جامعة أو مستشفى! لا أفهم كيف يمكن الحكم مسبقاً بصيغة الجمع، وقول إن جميع النساء لا يصلحن لقيادة المؤسسات، وإن جميع من قاد المؤسسات منهن كانوا «طامة» عليها! واستناداً إلى مقالات «بسنا حريم» نستنتج أن السبب الوحيد الذي يمنع النساء من أن يصبحن قائدات عظيمات هو أنهن من الجنس الناعم! أريد من القارئ أن يتوقف هنا قليلاً كي يفهم مقصدي الذي أرمي إليه، وهو أن الجنس لا يحمل أسرار القيادة وروعتها، وأن التميّز لا يُولد مع الرجل دون المرأة، والعظمة لا تتربى في جيناته دون المرأة!
ورغم ذلك، فأنا أرى في تفصيل ذكره المرزوقي في مقاله بعضاً من الصحة، وهو أن هنالك بضعاً من النساء وُضعن في مناصبهن القيادية بالمؤسسات القطرية كي تصبح الصورة «منوعة» وما زلن فيها رغم سوء أدائهن ومخرجاتهن الوظيفية! وأنا أعارض هذا، وفي الوقت نفسه لا أدعو إلى أن نبدلهن برجال -كما يدعو المرزوقي- بل أدعو إلى إبدالهن بكفاءة أعلى منهن أياً كان جنس تلك الكفاءة! فالكفاءة هي المهمة هنا، وليس ذاك التفصيل السطحي «الجنس»!
لا يجوز الحكم على تجربة المرأة وهي التي بدأت تزاحم الرجال في المناصب القيادية في آخر عشرين سنة فقط، فهي تجربة شابة مقارنة بتجربة الرجال الذين يجلسون على الكراسي المهمة مذ قيام الدولة، والكراسي التي كانت من نصيب المرأة محدودة ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، أما بالنسبة للرجال فيدان لا تكفي لعد تلك المناصب، ولا المحاولات القيادية الفاشلة في أشغال والتخطيط والسياحة -سابقاً- وغيرها من المؤسسات!
في مجتمعنا عندما نتكلم عن المرأة نحن نتكلم عن نصف المجتمع القطري، المجتمع الذي يعاني من قلة سكانه بالأساس، ويحتاج لكل مواطنيه للنهوض والعمل على بناء الوطن، وهو نفس المجتمع الذي تتفوق فيه الطالبات على الطلاب في نسب الحصول على الشهادات الجامعية وما يعلوها، فكيف يمكن لأي أحد منا أن يجزم بفشل المرأة لأنها «امرأة» ويقول «بسنا حريم»؟
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
أختلف مع الكاتبين الفاضلين، وليس لأن الاتهام قد وُجه لأفراد جنسي، بل لأني لا أرى كيف يمكن «للجنس» أن يفسد وزارة أو جامعة أو مستشفى! لا أفهم كيف يمكن الحكم مسبقاً بصيغة الجمع، وقول إن جميع النساء لا يصلحن لقيادة المؤسسات، وإن جميع من قاد المؤسسات منهن كانوا «طامة» عليها! واستناداً إلى مقالات «بسنا حريم» نستنتج أن السبب الوحيد الذي يمنع النساء من أن يصبحن قائدات عظيمات هو أنهن من الجنس الناعم! أريد من القارئ أن يتوقف هنا قليلاً كي يفهم مقصدي الذي أرمي إليه، وهو أن الجنس لا يحمل أسرار القيادة وروعتها، وأن التميّز لا يُولد مع الرجل دون المرأة، والعظمة لا تتربى في جيناته دون المرأة!
ورغم ذلك، فأنا أرى في تفصيل ذكره المرزوقي في مقاله بعضاً من الصحة، وهو أن هنالك بضعاً من النساء وُضعن في مناصبهن القيادية بالمؤسسات القطرية كي تصبح الصورة «منوعة» وما زلن فيها رغم سوء أدائهن ومخرجاتهن الوظيفية! وأنا أعارض هذا، وفي الوقت نفسه لا أدعو إلى أن نبدلهن برجال -كما يدعو المرزوقي- بل أدعو إلى إبدالهن بكفاءة أعلى منهن أياً كان جنس تلك الكفاءة! فالكفاءة هي المهمة هنا، وليس ذاك التفصيل السطحي «الجنس»!
لا يجوز الحكم على تجربة المرأة وهي التي بدأت تزاحم الرجال في المناصب القيادية في آخر عشرين سنة فقط، فهي تجربة شابة مقارنة بتجربة الرجال الذين يجلسون على الكراسي المهمة مذ قيام الدولة، والكراسي التي كانت من نصيب المرأة محدودة ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، أما بالنسبة للرجال فيدان لا تكفي لعد تلك المناصب، ولا المحاولات القيادية الفاشلة في أشغال والتخطيط والسياحة -سابقاً- وغيرها من المؤسسات!
في مجتمعنا عندما نتكلم عن المرأة نحن نتكلم عن نصف المجتمع القطري، المجتمع الذي يعاني من قلة سكانه بالأساس، ويحتاج لكل مواطنيه للنهوض والعمل على بناء الوطن، وهو نفس المجتمع الذي تتفوق فيه الطالبات على الطلاب في نسب الحصول على الشهادات الجامعية وما يعلوها، فكيف يمكن لأي أحد منا أن يجزم بفشل المرأة لأنها «امرأة» ويقول «بسنا حريم»؟
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر