السبت، 17 يناير 2015

ما تحتاجه قطر

وحصل ما كنا نتوقع حدوثه دائماً وأبداً.. انخفضت أسعار النفط! سيسأل أحدهم ما علاقة هذا بقطر، وهي التي تشتهر بإنتاج الغاز المسال لا النفط؟ وسأجيب، بأنه فعلاً قطر تنتج 77 مليون طن من 240 مليون طن من إنتاج العالم سنوياً، أي إنها المنتجة الأولى للغاز المسال حتى هذه اللحظة، وإن إنتاجها من النفط محدود ومعظم الآبار غير مكتشفة بعد، إلا أن أسعار الغاز المسال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط، فما إن تنخفض أسعار النفط، تنخفض تبعياً أسعار الغاز المسال. إلى جانب كل هذا والأهم، دول كثيرة بدأت وستبدأ بإنتاج الغاز، وقد تقوم بتصديره في المستقبل، مما يعني وفرة العرض مقابل اعتدال في الطلب، وبالتالي تدهور أسعار الغاز.
هذا كله سيؤثر في قطر، لن يؤثر على قطر اليوم ولا غداً بسبب فائضات خزانة الدولة المتجمعة منذ سنين وإدارة الدولة الحكيمة لها، ولكن سيؤثر ذلك مع الوقت، وهدفي عبر هذا المقال ليس التخويف، ولكن التحفيز والتشجيع على العمل والمثابرة والاجتهاد لنحافظ على ما وصلنا إليه، عبر طرق بديلة ينتعش بها اقتصاد الدولة عندما تتنوع مصادر الدخل ولا ترتكز على صادرات الدولة من نفط وغاز ومنتجات بترولية. ما تحتاجه قطر يُختصر بريادة الأعمال، نحتاج إلى رواد أعمال مبدعين مُجددين يقتحمون مجال إدارة الأعمال والسياحة والخدمات والتكنولوجيا والتسويق والصناعة والإعلام، وكل مجال به مجال للإبداع والتعبير والإبهار.
يُعرف عن شبابنا خوفه من الانخراط في القطاع الخاص، فكيف ببدء عمل لوحدهم وبأنفسهم؟ هذه الفكرة بدأت بالتغير بشكل تدريجي طفيف كما رأيت عبر الأعوام السابقة، ولكن أتمنى أن يتسارع تغيرها، وأن تسهم الدولة في ذلك عبر استثمارها أكثر في الشباب، بعد أن استثمرت في تعليمهم طويلاً -وقد كان ذلك في المكان المناسب وأفضل استثمار- ويمكن للدولة أن تستثمر فيهم أكثر عبر طرح دورات اقتصادية وفنية وإدارية أكثر، وطرح جوائز تشجيعية، والتوعية حول مدى أهمية ريادة الأعمال ليس للمجتمع فقط ، بل حتى للفرد الذي يطور ذلك كثيراً في فكره وعقليته وشخصيته.
عندما ننظر إلى التاريخ، ومن ثَم إلى ما نحن عليه الآن من نعمة وخير وأمان، يجب أن نتذكر أولئك الأجداد الذين صابروا وصبروا وتحملوا وحاربوا القيظ والغارات المتكررة كيلا يخرجوا ويتركوا أرضهم وساحلهم، نفس الأرض والساحل الذي كافأ أحفادهم بعد زمن بالنفط والغاز، فلنكن الماضي الذي يحافظ على ثرواته من أجل أحفاده، فلنكن الجبال القادرة على حمل الأمانة.

جواهر بنت محمد آل ثاني

صحيفة العرب القطرية
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...