الخميس، 14 مايو 2015

بين النقطة والكاتب اللقطة

الكاتب متحدث يتعامل مع الكلمات لا الجمهور، يضحك مع كلمة ويداعب الثانية، ويصافح أخرى، ويغضب على الرابعة، ويعتذر من النقطة إن استخدمها كثيراً، حيث إنها سيدة العرض الأخير، المرتبطة دائماً بالختام، والحريصة على إنزال الستارة الحمراء عليها، حتى يكون العرض كاملاً بلا أخطاء جسيمة.
ومن النقطة إلى الفاصلة «العازلة»، يستخدمها الكاتب بالحذر نفسه الذي ينظف فيه الأسلحة النارية، حتى لا تُطلق كلمة غير مفهومة أو تُحسب عليه، أو يسترسل فيضيع جل جهده. ورغم ذلك، غالباً ما سيشعر الكاتب بأنه أطلق النار على ساقه أو يده، لأنه لم يكتب كلمة بدل أخرى، أو لم يتأكد من مصادره الخفية. وفي أحيان نادرة لكتاب نادرين، سيشعر بأن الرصاصة وصلت حلقه، وأنه اختنق بالحق الذي حبسه في مكتبه، وأنه لم يعد يستطيع الكتابة أو على الأقل كما سبق.
الكاتب اللقطة جاد، وإن سال مداد السخرية من قلمه. الكاتب العظيم متواضع، وإن صرح بأن صروح الدنيا تقوم على كتفيه. الكاتب الذكي عميق، وإن كان منظر كلماته يلامس السطح فقط. الكاتب المتسائل حكيم، لأنه يعرف أنه لا يعرف كل الأجوبة، ولا كل الأسئلة، والكاتب الصادق هو من صدق خلايا جسده وهي تهمس له أنت كاتب! لا شيء غير كاتب! فترك أحلام العائلة وأحلام المكان، وسافر لحلمه.

نقطة
«قولي له: إن الشيء الوحيد الذي أريده في هذه الحياة هو أن أصبح كاتباً، وإنني سأصبح»، هكذا أجاب غابو ماركيز» لويسا «والدته» حول سؤالها: «إذن، ماذا أقول لأبيك؟».
نقطة



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...