في كرة القدم تُعتبر حركة التسلل هدفاً محققاً في معظم الأحيان، تكالبت عليه الأنظمة والقوانين والحكم والجمهور، أو على الأقل نصفهم.
ما أكثر الأهداف التي يعتبرها الحكام حركات تسلل، وبعضها في حقيقتها غير مستحقة، أي إن الهدف شرعي مائة بالمائة، وبعضها الآخر مستحقة الحكم، والكلفة المترتبة في تحذير اللاعب من قبل الحكم والمدرب الذي قد يضيق ذرعاً بتشتت اللاعب والأهداف الضائعة.
في بداية عام ٢٠١١ أهدى «الحكام» أهداف الشعوب الثورية صفارات التحذير، وتم اعتبارها نتاج حركات تسلل متوسلة متسلسلة. أهداف غير شرعية ولا مستحقة تسللت إلى الملعب ومن ثم بقرب المرمى دون إذن الحكم أو الحاكم، الذي اكتشف بحكمته أنها عناصر خارجية تخريبية.
في تونس نجح الشعب في إثبات قضيته وأحقيته في أهدافه، وفي دول الربيع العربي الأخرى من ليبيا غرباً وحتى سوريا واليمن شرقاً، لا تزال الشعوب متعثرة في قدرتها على ذلك، لا لأنها غير مستعدة للديمقراطية بعد، أو لافتقارها لاقتصاد متين وسياسة صارمة، وإن كان ذلك ضرورياً، بل لتكالب الأنظمة والقوانين والحكم والجمهور أو على الأقل نصفهم، على ثورات الشعوب. حيث كان الرافض الأول للتغيير في كثير من الأحيان الشعب الذي يخاف ما لا يعلمه ويألفه، وهي إشارة إلى ترسبات في المجتمع العربي الذي يحافظ على أمثال «كامسك مجنونك حتى لا يأتيك من هو أكثر جنوناً منه». أي حافظ على الوضع الذي أنت فيه واشكر ربك عليه ولا تحاول تغييره حتى لا يتدهور إلى الأسوأ. ما لا يعرفه هؤلاء أو يتغاضون عنه، أن الأسوأ موجود، وإن كان تحت السطح أو لا يمسهم، مثل سوريا التي بدأت فيها التظاهرات سلمية، ولكن لم يلبث بشار الأسد إلا وحولها إلى حرب أهلية إرهابية شارك من أجلها إلى نشر بذور «داعش»، ففي سوريا توجد أكثر سجون العالم وحشية.
في دول كمصر وليبيا كانت الأنظمة والقوانين والجمهور هم اللاعبين الأساسيين في تحريك كرة اللاعب حتى منطقة التسلل. فطغت الأنظمة البيروقراطية وأُعدمت المحاكم الثورية قبل أن توجد، وتُرك الجمهور إما تحت رحمة إعلام مدفوع لا يفقه شيئاً، أو في صحبة السلاح والرغبة العارمة في السيطرة على كل شيء، والخروج على الدولة المدنية.
أياً كان الحَكم الذي قضى على هدف الثورة بحُكم التسلل، سواء أكان شيخ دين، أو إعلامياً يريد أن يتصاعد بمكانته على حساب أمانته، أو عسكرياً يتحين الفرصة ليصنع هدفه بالوصول إلى السلطة، التسلل يكون دائماً فرصة ضائعة، تعذر الحصول عليها لسبب ما أو شخص ما، ولكنها ليست آخر فرصة، لأن المباراة لا تزال في بدايتها، ولا شيء أقوى من جنون الجماهير.
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق