الخميس، 5 أكتوبر 2023

بين إعلانات السيارات و رسائل التنديد!

  

 

 

يُفترض بالصحافة أن تلعب دور ضمير الشعب و روحه و عقله. فعندما تُحاكي القنوات الإخبارية الدول و المناطق الإقليمية المجاورة لها.. نجد الصحيفة تخاطب الحي و رب الأسرة و العائلة و تخبرهم عن أحداث المدينة و سعر الخبز و البطاطس و الطماطم في ذاك اليوم!

يؤسفني اليوم رؤية الإهمال الواقع في الصحافة العربية الذي لا يُفعّل دور الصحافة في كونها المُخبر الأول للإنسان العادي. نعم الانترنت و وسائل التواصل الاجتماعي أثر على الصحافة المطبوعة و الالكترونية، و لكن هذا التأثير يجب أن يقتصر فقط على وصول القارئ للصحيفة لا على جودة ما يصدر من الصحيفة!

بعض الصحف لا تقرأها إلا لتقرأ أعمدة الرأي لعدة كتاب جيدين.. و بعض الصحف لا تمسكها إلا لتجوب اعلاناتها و مبوباتها! و الأكيد أن الناس لا تقرأ الصحف باحثة عن تحقيقات صحفية استقصائية فاخرة لأن الصحافة العربية تفتقر إلى ذلك!

الماكينات الإعلامية العربية بشكل عام شحيحة التحقيقات الاستقصائية، و لربما يكون الاستثناء على ذلك القنوات الإخبارية الكبرى مثل الجزيرة و بي بي سي و سي ان ان العربيتان الذين يقدمون تحقيقات ممتازة للمشاهدين حول العالم. أما الصحافة العربية، فيكاد وجود التحقيقات الصحفية الاستقصائية فيها ينعدم، و ينتفي معه أثره في تغيير الواقع العربي.

يتناول فيلم (She Said) القصة الحقيقية للتحقيق الصحفي الذي أجرته الصحفيتان جودي كانتور و ميغان توهي حول اتهام المنتج الأمريكي هرفي واينستين بجرائم اغتصاب و تحرش، مما أدى إلى انفجار مجموعة فضائح أخرى، و قضية رأي عام كبرى حول التحرش و الاغتصاب الذي يدور في هوليوود ضد النساء و لا أحد يتحدث عنه!

في العالم العربي لا وجود لمثل هذه التحقيقات الصحفية التي تُسقط أشخاصاً و تهز دول كما فعل الصحفيان بوب  وودوورد وكارل برنستين اللذان فضحا تورط الرئيس ريتشارد نيكسون في فضحية ووتر غيت و حقيقة تنصته على مقر الحزب الديموقراطي من أجل الفوز في الانتخابات!

لا أثر لهذا النوع من الزلزلات الصحفية في عالمنا العربي!

الصحافة العربية يجب أن تراجع نفسها في ذلك! الصحف العربية يجب أن تراجع تحقيقاتها و مقالاتها و حتى أخبارها! دور الصحافة يكمن في البحث عن المعلومات و الأخبار و الآراء المتميزة و الأصيلة و من ثم إيصالها إلى القارئ! هل تحقق الصحافة العربية اليوم هذه الغاية؟ هل تقوم الصحافة العربية اليوم بدورها في اثراء القارئ و تغذية عقله؟ في السابق كانت قراءة صحيفة واحدة في اليوم تغني عن مشاهدة الأخبار.. هل تغني الصحف العربية اليوم عن ذلك؟

الصحافة العربية تحتاج إلى انتفاضة تُرجعها إلى الحياة، و إلى دورها في توعية القارئ بدلاً عن تخديره بالمعلومات التي يستطيع أن يجدها بنفسه على الانترنت بكبسة زر!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...