الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

كي ننبهر مجدداً!

 كي ننبهر مجدداً!

 

 

الأفلام في الماضي كانت ساحرة. بها الكثير من الإمكانيات و الأحلام و التوقعات و الرغبات و الألوان. أفلام اليوم، مختلفة، لا تدفع بالإنسان المشاعر نفسها التي كانت تدفعها الأفلام في الماضي. بل أن حتى تجربة الذهاب للسينما اختلفت مع ظهور نتفلكس و osn  و البلاي ستيشن و الهواتف الذكية و ألعاب العالم الافتراضي. الذهاب إلى السينما أصبح.. رمزياً أكثر.. رمز إلى التغيير بعيداً عن أجواء المنزل الصغير و أشكال الترفيه الضخمة الذي يحتويها.. الذهاب إلى السينما أصبح رمز إلى المتعة التي يُفترض بنا خوضها هناك.

لم تكن السينما الشيء الوحيد الذي تغير مع بداية العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين. كل أشكال الترفيه و الراحة و المتعة و الرخاء أصبحت تُصب علينا من كل الجهات طوال الوقت.. حتى أصابنا تشبع من المتعة و الانبهار و الرغبة. و لم يعد أي شيء بسيط يشد انتباهنا.

أصبحت الأشياء الصغيرة لا تعني لنا شيئاً، و الأمور الكبيرة لم تعد تبهرنا كما سبق.

قبل عشرين عام تقريباً، كنا نتحمس للمستقبل.. ننبهر بالإنجازات التي تحدث أمامنا و نحاول أن نخلق مثلها. كنا نحاول اختراع آلة جديدة أو لعبة مثيرة. و كنا ننبهر إذا ما سمعنا عن شركة أو شخص اخترع أمراً جديداً بل و نحرص على اقتنائه. أما اليوم، فنسمع عن اختراع أجهزة أو العاب جديدة، و لا يهتز فينا شيء. و لا ننبهر كما كنا نفعل في الماضي.

يقول مارك مانسون في كتابه (خراب: كتاب عن الأمل) بأننا نحتاج إلى الأمل كي نجتاز هذه المرحلة التي نمر بها.. المرحلة التي تحتاج إلى الشجعان الذي يحلمون بتغيير الواقع بدلاً عن الرضا به. و أنا أزيد عليه، بأننا نحتاج إلى الدهشة و الانبهار. نحتاج إلى من يدلنا إلى طريق البساطة و الرجوع إلى الطريق الذي كنا عليه، و كنا ننبهر و نندهش و نحلم فيه. الطريق الذي كان يدفعنا إلى العمل و الحلم بمستقبل أجمل و أفضل.. لا مستقبل نستلقي فيه على الأرائك مشاهدين نتفلكس في الوقت الذي نقلب فيه حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي على هواتفنا.

هذا الطريق قابل للوصول. نستطيع الوصول إليه عندما نخفف من اشباع حواسنا بالترفيه لأربع و عشرين ساعة في اليوم. نقدر على الوصول إلى هذا الطريق عندما نلتفت إلى ذواتنا بعيداً عن المشتتات الخارجية. نستطيع بلوغ هذا الطريق عندما نُركز على أحلامنا و أهدافنا و هواياتنا و رغباتنا بدلاً عن الركض وراء اللهو و الألعاب و الأفلام و هواتفنا الذكية التي تجعلنا أغبياء!

هذا الطريق المدهش المبهر سيصله الشجعان و أصحاب الأمل و العمل و الفضوليين!

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...