الخميس، 12 نوفمبر 2015

أين الكتاب العربي

مع قرب إقامة معارض الكتاب في الدوحة والكويت والرياض، وحالياً في الشارقة، يستعد بعض القراء بإعداد لوائح الكتب المهتمين بشرائها. فمعارض الكتاب خاصة في الخليج العربي، تخلق حالة ثقافية تفاعلية بين أفراد المجتمع والكتاب والمثقفين. فتكثر ندوات الكتب وحفلات التواقيع والبحث، وتصل إلى القارئ الخليجي الكتب من جميع أنحاء العالم، خاصة بعد أن أخذت بعض المؤسسات العربية على عاتقها ترجمة نخبة الأعمال الأجنبية إلى اللغة العربية مثل دار بلومزبري للنشر فرع مؤسسة قطر ومشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
المطلع السطحي على معارض الكتاب سيراها مكدسة بالكتب العربية والأجنبية، وسيظن من عدسة زاويته بأن كل شيء على ما يرام في عالم النشر العربي، ولكن الحقيقة بأن أقل ما يصرف في الدول العربية يكون على البحوث العلمية والدراسات، وأقل منها بكثير ما تصرفه دور النشر العربية التي تلبي ما يطلبه متوسط القراء العرب أي الكتب الأدبية. وحتى عند الكتب الأدبية، نجد جميع أنواع الثمار، معظمها متعفن أو غير ناضج. وكما لخص الكاتب سمير عطا الله مشكلة الأدب العربي الحديث في مقالته أين الأستاذ؟ المعضلة هي الكتبة «الكُتاب» المتسرعون في نشر ما لا يحدث فرقاً، ولا يغير واقعاً، والنشرة «الناشرون» غير الناصحين وغير المتمهلين والمهملين اختيار نوعية الكتب الموضوعة تحت يد القارئ. فأصبح لدينا كتبة لم يتعلموا الكتابة، ونشرة تجاريون، يهمهم الفَرش والقرش قبل النوع والمستوى.
هاتان المشكلتان أثرتا بدورهما على عملية ترجمة الكتب العربية للغات الأخرى، فالقارئ العربي يختلف عن القارئ الأجنبي الذي قد يتوقف عن قراءة كتاب لأنه ذو أخطاء إملائية أو نحوية. وهذا ما جعل القراء الأجانب يبتعدون عن الكتب العربية. وحدث أن أعلنت دار نشر تترجم الأعمال العربية بأن الكثير ممن يقرؤها هم عرب يتحدثون لغات أخرى!
جميع هذه العوامل ألقت بظلالها على الكتب العربية الجيدة التي بعكس بحار العالم، لا يفصلها برزخ عن الكتب الرديئة. حتى أصبح البعض يهتدي إليها عبر الجوائز العالمية للكتب أو الأدب كجائزة نوبل للأدب وكتارا والبوكر العربية حيث إن الكثير من الكتب الجيدة لا تصل إلى القارئ لأنها تفتقر الترويج عنها في المنصات الأكاديمية والثقافية والإعلامية والبحثية.
في الوقت الذي ترتفع فيه مبيعات الكتب في العالم العربي، خاصة الخليج العربي، لا تلحقها نسبة القراءة إلا قليلاً. وهذا يدلنا على خلل كبير في المنظومة الأدبية والثقافية للدول العربية، وبالذات بعد شيوع برامج ونوادي وجوائز القراءة والمحاولة الجادة الكائنة في إنقاص الأمية المستشرية في العالم العربي. وأحد حلول مشكلة القراءة العربية يكون بحل معضلة النشرة المنتشرين والكتبة غير المهتمين حتى بمراجعة كتبهم قبل النشر.


جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...