الخميس، 5 نوفمبر 2015

المواطن العالمي

يعيش الفرد اليوم بين أكثر من سبعة مليارات نسمة من سكان الأرض.. ويعرف بأنه مواطن عالمي، لا محلي ينتمي إلى بلده فقط. ففي دولته يتنقل عبر النفط السعودي والغاز القطري، ويعيش على القمح الروسي، ويلبس القطن المصري، ويدير شركاته الكبرى هنود قادمون من النصف الآخر من الكرة الأرضية.
يجلس الفرد على أريكته السويدية القادمة من آيكيا، شارباً كوباً من القهوة المصنوعة من البن الإفريقي وكوباً مملوءاً بالشاي الإنجليزي "ليبتون" ينتظر عودة زوجته من مطبخهم الأميركي. يشاهد قناة محلية تنقل مباراة البرازيل مع الأرجنتين، ويغيرها لبرنامج مغامرات في أستراليا على قناة ناشنول جيوجرافيك أبوظبي ما إن ترجع زوجته.
يحضر المواطن العالمي مهرجان الأفلام العربية في برلين، ويتابع أفلام هوليوود وبوليوود، ويحب المانغا اليابانية والمانغو الفلبيني.
لا يستغني هذا المواطن عن "التيك آوت" سواء أكان قهوة كندية من سيكند كوب أو نودلز صيني من أقرب مطعم. ولا يفوته أن يجرب المطاعم العالمية خارج دولته وداخلها.
يتكلم اللغات الخمسة الكبرى، الصينية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية والعربية، وأكثر من هذه اللغات بمساعدة مترجم هاتفه الكوري سامسونج.
يعمل في شركة لبنانية تدير الحفلات والمؤتمرات المحلية والعالمية، فيستقل مرة إحدى طائرات الاتحاد الإماراتية ومرة خطوط الطيران القطرية.
يتابع المواطن العالمي الأخبار على الجزيرة والبي بي سي والسي أن أن. وفي مرات عديدة يجد نفسه يناقش أحد أصدقائه السودانيين أو الإيطاليين عن سوريا وروسيا وأزمتي اليونان واللاجئين.
هذا المواطن العالمي الذي جعلته سهولة التواصل والوصول عبر المواصلات والتكنولوجيا، مواطن محلي للعالم، يواجه أحياناً عندما يقلق أو يتكلم عن بعض القضايا المعاصرة، تهمة التدخل السافر في شؤون إحدى الدول، أو عدم فهمه الكامل لها لأن لها خصوصية تختلف عن باقي الدول، على حد قولهم. هذا الموقف يُوضع فيه بغير أساس في حالات كثيرة، حيث إن مخاطبه ينسى بأنه تحدث أو حتى تدخل في دول أخرى في مرات سابقة، وأن العالم فقد حدوده، فأصبح ما يهم سياسة دولة يهم سياسة دولة أخرى قد يفصلهم بحار ومحيطات، وما يؤثر على اقتصاد دولة قد يؤثر على اقتصاد أخرى. ولا أعني بما أقوله التدخل غير المطلوب أو المبرر من قبل أحد الأفراد بل الاهتمام الصادق والمحاولة الجادة في تقديم الآراء والحلول والمساعدات والتبرعات. ولولا تدخل مواطني العالم حول العالم، لما أنشئت جمعيات التطوير والتغيير والإغاثة والمساعدة والنهوض بالدول والأفراد.
هذا هو دور المواطن العالمي الحقيقي، إثراء الآخرين والعالم، كما أثري هو نفسه، عبر العالم.

جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...