الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

«وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ»

في هذه الأيام المباركة نلتفت إلى العبادات خاصة المساجد، بيوت الله وقبلة العبادة الأولى. نرتادها ونعادها، نسلم عليها ونعودها، يعجبنا أحوال بعضها ولا يعجبنا حال بعضها الآخر.
والواقع أن ما لا يروق لنا أكثر مما يحوز على رضانا، وبما أن إصلاح الحال لا يكون إلا بمعرفة الأحوال، سأسرد عليكم ما أعرفه من أحوال المساجد في الدول الإسلامية والعربية.
يكثر بناء المساجد في الدول العربية والإسلامية، الناس لا يتوانون عن ذلك مشكورين طلباً للأجر، ولكن الكثير منهم يقيمون المساجد ثم ينسونها أو يعتقدون أن عملهم انتهى بانتهاء عمل المقاول، وكأنهم لم يقرؤوا قوله تعالى: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ».
معنى العمارة في هذه الآية أشمل من معاني البناء وإقامة المسجد وحسب، ويتعداه إلى معاني الاستدامة والمحافظة عليه بشكل يليق به كبيت لله وزواره. ولأوضح مقصدي أكثر، سأعطي مثالا لمسجد أقامه صاحبه وتركه حتى أصبح عرضة للانهيار أو تعرض لعطل في تصريف المياه حتى أصبح عبئاً على المكان الموجود به بعد أن كان مكانا للراحة، ما مصير أجره الآن؟
مشكلة أخرى مرتبطة ببناء المساجد هو كثرتها في المكان الواحد نفسه، فنجد كما قد سبق للكاتب مشعل السديري الإشارة إليه مسجدا بين كل مسجد ومسجد! والنتيجة، هي فراغ المساجد وتوزع المصلين بينهم وقت الصلاة. أين نجد البنيان المرصوص؟
ولا أنسى المساجد المختلفة لكل مذهب وفرقة. أليس المؤمنون إخوة؟ أليست المساجد لله؟ ألسنا راجعين إلى الله؟
وفي كل هذه المساجد نجد اللافتات المختلفة: النوم ممنوع، ممنوع الأكل والشرب، الكلام ممنوع، والأدهى والأمر أن تغلق بعض المساجد في غير أوقات الصلاة! إن لم تفتح بيوت الله للناس، أي الأبواب ستفتح؟!
على الجهات المختصة برعاية المساجد في الدول العربية والإسلامية الوقوف على عملها، لا تنقصهم الموارد ولكن ينقصهم التخطيط وحسن التدبير.
إذا لم نحرص ونحافظ على المساجد التي نتعلم عبر ارتيادها حسن الخلق والتدبر، فعلى ماذا سنحرص؟!




جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...