الأحد، 2 أكتوبر 2016

كلمة


(١)
تمتلئ الدنيا بالحكاوي و الذكريات و الناس و الأصوات و الصور و الروائح و القدرات و النكت و أهم شيء في ناظري، الكلمات. و ما أكثر الأشياء العاملة كضوء أحمر، تذكرنا بأشياء أخرى تشبهها أو تناقضها. نسمع نكتة، فنتذكر الشعب المصري العظيم الذي ما زال رغم الأهوال المحيطة به، يتحفنا بمزح جديدة. نشاهد فيلماً هندي فنقارنه بأفلام عربية أو أخرى من هوليوود. نقول مثلاً ظنناه حصري على الثقافة الخليجية، فنجد ما يقاربه عند أهل الشام أو لدى الأوروبيين. نشم عطراً فرنسي ليطرأ على البال رغم التفاوت دهن عود هندي أو مسك أبيض وضعناه بعد الاستحمام.

(٢)
فكرة جلبت فكرة. أشياء جرت أشياء و كأننا اختزلنا هذه الأمور فيما تذكرنا به أو نربطه بها. و نحن البشر نحب اختصار الأمور و اختزالها. إذا كان هنالك كتاب فالأكيد بأن هناك ملخص عنه. و إذا كانت هناك رواية فالأكيد بأن فيلماً عنها سيلحقها. و إذا وُجدت أغنية، فلها نسخة قصيرة. و إذا كان هناك اسم، فله تدليل. مثلما حاولنا اختصار روائح مدن في قوارير للعطور. مثلما سجلنا أصوات الشوارع و أطلقنا على الاسطوانة مومباي أو القاهرة. مثلما تظهر في أذهاننا صور جاهزة لمدن لم نطأها يوماً. مثلما يحاول براندن ستانتن اختزال نيويورك بانسانيي نيويورك و قصصهم.
اختصرنا كل ذلك في عقولنا و ساعدنا غيرنا على ذلك و إن لم تكن تلك الحقيقة.

(٣)
لماذا الاختصار و الاختزال؟ لماذا نطلب التعريفات بكلمة أو كلمتين؟ بدقيقة أو بدقيقتين؟
حفاظاً على الوقت؟ حفاظاً على أنفاس نعرف بأنها ستُهدر؟ ابتعاداً عن الضجر أم قرباً من الإجابات الواضحة؟
أياً كانت الإجابة، سأختصر قطر بكلمة للقريب: وطن.
و كلمتين للغريب: كعبة المضيوم.
و المقالة سأختزلها بأنا، و الأصح أن أوجز نفسي بها.

تنويه:
لا توجد اسطوانة باسم مومباي أو القاهرة، و لكنها فكرة تستحق العناء.




جواهر محمد آل ثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...