أكثر ما يُشتهر به السياسيون هو الكذب. ولم تزد كيلين كونواي مستشارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الوضع إلا سوءاً. عبارتها المشهورة «الحقائق البديلة» التي دافعت بها عن كذب المسؤول الإعلامي للبيت الأبيض شون سبايسر، خلقت حالة من السخرية الممزوجة بالغضب والتحدي المستمر في أرجاء الولايات المتحدة الأميركية. لماذا أقول إنه تحدٍ «مستمر»؟ لأنه كان قد بدأ مع الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقيام المرشحين بتراشق الاتهامات والإشاعات الصحيحة والكاذبة جنباً بجنب. ومع وصول المرشحين الديمقراطي والجمهوري، كلينتون وترمب، للمناظرات النهائية، كثر الكذب حتى احتار جمهور الناخبين بين كلينتون وترمب.
وشعر فريق كلينتون بحيرة الناخبين بعد تناقص شعبيتها في الاستطلاعات، بسبب الإشاعات التي أطلقها ترمب حولها، فقامت بعمل خدمة في موقعها الإلكتروني لدحض كل الأكاذيب الخارجة من فم ترمب.
كل الإشاعات والاتهامات والتراشق الإعلامي الذي حصل في الانتخابات الأميركية، أعادني لمشهد في فيلم «Our Brand is Crisis» تشدد فيه الممثلة ساندرا بولوك على أهمية وخطر الإشاعات، وأنه ليس من المهم أن يصدق الناس الإشاعة السيئة المتعلقة بالمرشح السياسي، المهم أن تلتصق به.. بذلك فقط، ستضره كثيراً. وعلى أن الأوضاع وقت الانتخابات الأميركية الأخيرة كانت قد وصلت مرحلة جديدة من السوء والدناءة، إلا أنها خلقت، كما أرى، حالة صحية من الوعي والرغبة في البحث عن الحقيقة والحقائق لدى الأميركيين وغيرهم. مواقع مثل http://www.factcheck.org اتسع مجال انتشارها ووصولها للناس. وفي العديد من الولايات الأميركية، بدأ المعلمون من المرحلة الإعدادية وحتى المرحلة الجامعية بتعليم طلابهم كيفية معرفة الأخبار الحقيقية من الأخبار الكاذبة. ويكفي أن ينظر المرء إلى بعض تغريدات دونالد ترمب القديمة ليرى ردود الناس، وبحثهم الحثيث حول مدى صوابها من عدمه.
أتمنى أن تصل هذه الحالة من الوعي إلى مجتمعات «الواتس آب» و»البرودكاست». هذه المجتمعات المؤمنة بكل ما يأتي به «الواتس آب»، وكأنها كتب منزلة من السماء! فلا يقوم أفرادها بالبحث حول حقيقتها وأصلها وفصلها، بل ويدافعون عنها أمام الآخرين وكأنها خرجت من تحت أيديهم هم!
هناك حسابات عربية على «تويتر» لدحض الإشاعات والأخبار الكاذبة، ولكن ذلك غير كاف لمئات الملايين من متحدثي اللغة العربية. الحل يكون في وضع الأدوات في أيديهم من وقت دخول المدرسة، ليتمكنوا هم أنفسهم من الشك فيما يسمعونه ويقرؤونه ويرونه، وليحاولوا مطابقته مع الواقع والمنطق. هل هو صحيح؟ هل هو واقعي؟ هل هو منطقي؟ ولماذا؟ وهل هناك مصلحة في عدم البوح بالحقيقة والحقائق؟ وما السيناريو الأصلح أو الأقوم لهذه الحالة أو الصورة أو الفيديو أو الوضع؟
في أوضاع الشك فقط، يمكننا أن نسأل عن حقائق «بديلة».
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
وشعر فريق كلينتون بحيرة الناخبين بعد تناقص شعبيتها في الاستطلاعات، بسبب الإشاعات التي أطلقها ترمب حولها، فقامت بعمل خدمة في موقعها الإلكتروني لدحض كل الأكاذيب الخارجة من فم ترمب.
كل الإشاعات والاتهامات والتراشق الإعلامي الذي حصل في الانتخابات الأميركية، أعادني لمشهد في فيلم «Our Brand is Crisis» تشدد فيه الممثلة ساندرا بولوك على أهمية وخطر الإشاعات، وأنه ليس من المهم أن يصدق الناس الإشاعة السيئة المتعلقة بالمرشح السياسي، المهم أن تلتصق به.. بذلك فقط، ستضره كثيراً. وعلى أن الأوضاع وقت الانتخابات الأميركية الأخيرة كانت قد وصلت مرحلة جديدة من السوء والدناءة، إلا أنها خلقت، كما أرى، حالة صحية من الوعي والرغبة في البحث عن الحقيقة والحقائق لدى الأميركيين وغيرهم. مواقع مثل http://www.factcheck.org اتسع مجال انتشارها ووصولها للناس. وفي العديد من الولايات الأميركية، بدأ المعلمون من المرحلة الإعدادية وحتى المرحلة الجامعية بتعليم طلابهم كيفية معرفة الأخبار الحقيقية من الأخبار الكاذبة. ويكفي أن ينظر المرء إلى بعض تغريدات دونالد ترمب القديمة ليرى ردود الناس، وبحثهم الحثيث حول مدى صوابها من عدمه.
أتمنى أن تصل هذه الحالة من الوعي إلى مجتمعات «الواتس آب» و»البرودكاست». هذه المجتمعات المؤمنة بكل ما يأتي به «الواتس آب»، وكأنها كتب منزلة من السماء! فلا يقوم أفرادها بالبحث حول حقيقتها وأصلها وفصلها، بل ويدافعون عنها أمام الآخرين وكأنها خرجت من تحت أيديهم هم!
هناك حسابات عربية على «تويتر» لدحض الإشاعات والأخبار الكاذبة، ولكن ذلك غير كاف لمئات الملايين من متحدثي اللغة العربية. الحل يكون في وضع الأدوات في أيديهم من وقت دخول المدرسة، ليتمكنوا هم أنفسهم من الشك فيما يسمعونه ويقرؤونه ويرونه، وليحاولوا مطابقته مع الواقع والمنطق. هل هو صحيح؟ هل هو واقعي؟ هل هو منطقي؟ ولماذا؟ وهل هناك مصلحة في عدم البوح بالحقيقة والحقائق؟ وما السيناريو الأصلح أو الأقوم لهذه الحالة أو الصورة أو الفيديو أو الوضع؟
في أوضاع الشك فقط، يمكننا أن نسأل عن حقائق «بديلة».
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق