الخميس، 2 نوفمبر 2017

معارض اليوم.. مدافع الغد!

ماذا لو دافعت عن قضية ما طوال حياتك، وبين ليلة وضحاها، انتصر الناس لقضيتك، وخسر معارضوها؟ ماذا لو مارست حقوقاً شرعت لك حتى أصبحت جزءاً منك، وفي يوم وليلة، سُلبت هذه الحقوق منك؟ افتراضاتي ليست خيالية بل واقع يُعاش حول العالم كله، سواء في الدول المتقدمة أو المتأخرة علمياً، وإن كانت تحدث في الأخيرة أكثر.
في الولايات المتحدة الأميركية، نرى دفاع الأميركيين الحالي في وجه من يحاول سلبهم القانون الصحي الذي أقر في عهد أوباما، ونشاهد وقفتهم ضد من يريد منع الهجرة إلى أميركا، أي من يقف ضد «الحلم الأميركي». ولا يزالون يطالبون حتى الآن، بإيقاف عنف الشرطة ضد السود.
أما في عالمنا العربي، فلدينا التغييرات السلبية، كمحاولات سلب حرية الرأي والتعبير، ولدينا أيضاً بعض التغييرات الإيجابية، التي نلحظها هنا وهناك، مثل إعطاء المرأة حقوقها في أكثر من مجال، وإفساح المجال للدين الإسلامي المتسامح مع الآخر أياً كان.
لطالما دافعت عن حقوق المرأة وحريات الرأي والتعبير في كل مكان، ولن يسرني شيء أكثر من إعطاء هذه الحقوق لأصحابها، ولكن كما أنني بالتأكيد سأكون مدافعة عن قضية ما في حياتي، سآخذ في يوم ما أو حتى في الوقت نفسه، موقف المعارض من قضية أخرى مثلاً، حيث إن هذا هو حال الناس، وحال الواقع نتيجة الاختلاف بينهم.
وفي جميع الأحوال، سواء أكنت مدافعة أو معارضة لقضية، سأنتظر من الطرف الثاني على الضفة الأخرى من القضية، أن يسمعني ويفهمني ويحترمني وألا يقصيني بسبب الاختلاف معه!
وللأسف الكبير هذا ما نراه اليوم في بعض التغييرات الإيجابية الحاصلة. نشاهد البعض يطالب بإقصاء من يعارض إعطاء المرأة حقوقها، أو إعطاء الناس حقهم في حرية الرأي والتعبير! بل إن البعض يذهب إلى أبعد من ذلك ويطالب بمحاكمتهم واعتقالهم! وهذا لم يكن الحل أبداً حتى في الأوقات التي مُنعت فيها حرية الرأي والتعبير في بعض الدول، وتم اعتقال المنادين بها.
أفضل ما يمكننا فعله، في أي قضية سواء اتفقنا أو اختلفنا فيها، أن نجلس جنباً إلى جنب، معارضين ومدافعين، لنتكلم حول القضية ونناقشها لمحاولة فهم الآخر، دون إقصاء أو تهديد أو فرض شيء عليه. يجب أن يكون هدفنا التسامح والتفاهم وبناء الجسور لا إحراقها مع محاولة الوصول للآخرين دون طمس شخصياتهم بالقوة. وقتها فقط، ستؤسس المبادئ التي ستنتهي إليها أي قضية بالشكل الصحيح، دون أن يأتي يوم ليهدمها رجل دولة أو سياسي، بكلمة منه.



جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


هناك تعليق واحد:

  1. في الحقيقة ليست هي المرة الأولى أو الوحيدة التي أقرأ فيها مثل هذا الطرح لمرأة عربية مست مفردلتها المحترفة والمحترقة في ذات الوقت لواعج الأسى والألم التي كابدناها منذ أزمان عندما بُحت أصواتنا جراء الدعوة الخجولة والمستهجنة من أجل بذر بذور ثقافة المواطنة بنسقها القيمي المنتصب على الحرية والمساواة والعدالة ، ولكني أشتم في هذا الطرح رائحة لوعة المظلوم ووقع قسوة صاحب القضية التي يطلب من الفاعلين لها وفيها وحتى الشهود والمتفرجين أن ينصروه .
    ودعيني سيدتي الفضلى أن أفلسف بعضاً مما سردتيه مسطحاً ضحلاً عبر ثلة أسئلة قد تثري قضيتك ! ماهي قضيتك بالضبط ؟! هل هي حرية الاعتقاد والتفكير والفكر والرأي والطرح والوجهة والموقف والحوار وقبول الآخر ؟! أم هي الوعي بالحرية والنسق القيمي بالكامل التي افتقدها العرب والمسلمون منذ أزمان طويلة على مر تاريخهم بين شعوب وفي مجتمعات جاهلة متخلفة صنعت من الاستبداد أصناماً وعكفت على عبادتها ؟ شتان بين قضية الحرية الضحلة وقضية الوعي بها الأعمق إلى ما لا نهاية !!
    سيدتي آل ثاني من سواكي يمكن أن يطرق مثل هذه القضية الملغومة والمحظورة والمحذورة في قطر أو في غيرها من بلدان العالمين العربي والإسلامي المنكوبين ، ولأنك من آل ثاني يمكنك النظر إلى المحذور والمحظور والملغوم عن كثب دون الولوج إليه وإلا سينفجر فيكي ويدمرك ، منذ متى وكاتبة من آل ثاني تتحدث عن الحرية والحوار وحق التعبير وقبول الآخر ؟! منذ أزمة العلاقات الخليجية ! نعم ! تغير الحال ! وربما تكون الأزمة سبب انفراجة حرية في قطر وفي غيرها ! هل كان يمكن لجواهر آل ثاني قبل الأزمة أن تخوض في قضية الحرية في قطر أو في الخليج ؟! أترك لكي الإجابة سيدة آل ثاني .
    هل هناك حرية تعبير في قطر ؟ والسؤال للسيدة آل ثاني ، هل هناك معارضة في قطر ؟! نعم ولكن لأفراد الأسرة الحاكمة على غرار السيدة آل ثاني فقط !!
    سيدتي آل ثاني إن ثقافة الحرية التي تتحدثين عنها في هذا المقال هي مفردة تابعة في كلية ضخمة هي كلية الوجود الإنساني ، كلية خلق الإنسان من أجل أن يختار بعقله المتفرد وإرادته الحقيقية ، يختار كل شيء في وجوده ، ويتحمل تبعات ذلك الاختيار بدءً من اختيار الإله والإيمان به والإسلام له وطاعته وانتهاءً بتقرير أن يحي أو يموت ، فالوجود الإنساني حقيقة وكل ما فيه هو اختيار إنساني بعقل وإرادة ، ويتمم ذلك الوجود حقيقة أخرى وأخيرة وهي أن الاختيار زلزال تلحقه توابع إما المتعة نتيجة حسن الاختيار وإما الشقاء لقاء سوء الاختيار ، وهكذا يكون الإنسان حراً في اختياره وحراً أيضاً في تلقي عواقب ذلك الاختيار !!
    سيدتي مَن في عالمينا العربي والإسلامي يفقه ذلك ويعيه حاكماً كان أو محكوماً ؟!
    تقبلي سيدتي الفضلى احترامي وتقديري
    الأستاذ الدكتور بسيوني الخولي
    أستاذ الاستراتيجية الدولية والطرح الإسلامي

    ردحذف

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...