الثلاثاء، 12 يوليو 2022

عادات الناجحين

 

 

الجميع يريد أن يعرف عادات الأشخاص الناجحين.. ماذا يفعلون في يومهم، كي يصبحوا محبوبين و أفضل و أغنى و أشهر منا نحن بقية الناس! و لهذا تُباع كتب "عادات الأشخاص الناجحين"، و لهذا تنجح الأفلام الوثائقية و "الواقعية" التي تصور حياتهم يوماً بيوم.. لأن الجميع يريد أن يعرف العادات و الخطوات التي يخطيها هؤلاء الناجحين، و التي جعلتهم من هم عليه اليوم.

القارئ للسير الذاتية للأشخاص الناجحين، سيعرف بأنهم ليسوا أناس خارقين للطبيعة، قد تكون هناك عوامل ساعدتهم على النجاح مثل الجينات و ثروة العائلة و غيرها.. و لكنهم على الأغلب أناس عاديين و لم يعتمدوا على هذه العوامل للنجاح بل اعتمدوا على أنفسهم.. عملوا و ثابروا حتى وصلوا إلى مكانهم اليوم. و العامل الرئيس في نجاحهم و في محافظتهم على النجاح هو عملهم و عاداتهم المستمرة في حياتهم.

الأمر الذي يشترك فيه الأشخاص الناجحين هو محافظتهم على العادات الجيدة في حياتهم اليومية و التي تصبح بعد ذلك جزء من شخصهم و هويتهم. صوفيا و جوديث و سوزان بولغار، هن أكبر مثال على ذلك. فقد تربوا في منزل يُقدس لعبة الشطرنج، فكن يتدربن على الشطرنج يومياً حتى أصبح من عاداتهن اليومية و من ثم جزء من هويتهن عندما تمكن في سن صغيرة بهزيمة لاعبين بالغين. و مرت الأيام لتصبح صوفيا "أستاذ كبير" و أختهن الصغرى جوديث أفضل لاعبة شطرنج أنثى في التاريخ!

كلمة العادة تأتي من الاستمرارية، و كلنا نريد أن نعتاد العادة الجيدة و نفعلها حتى تصبح جزء منا، و لكن الجزء الصعب يأتي من الاستمرار فيها. الكاتب الذي يريد أن يكتب كتاباً، يريد أن يكتب يومياً حتى يستطيع انهاء الكتاب.. و لكن هل سيستمر في الكتابة اليومية؟ الانسان الذي يريد أن يكون شخصاً رياضياً، يريد أن يذهب إلى النادي الرياضي أربع مرات في الأسبوع، و قد يذهب لبضع مرات بعد أن يعقد رأيه، و لكن هل سيستمر بعد ذلك؟

في كتابه (العادات الذرية)، يشرح جيمس كلير، أربعة قوانين لتبني و المحافظة على العادات الجيدة، و هي أن تكون العادة واضحة، و سهلة و جذابة و مشبعة.

تكون العادة واضحة، عندما تكون أمام الشخص. فمثلاً لو أراد الشخص أن يقرأ كل ليلة قبل النوم، فعليه أن يضع كتاباً على سريره ليتذكر قراءة صفحة كل ليلة.

و تكون العادة سهلة، عندما تعملها بالتدريج.. إذا أردت أن تتعلم لغة جديدة، لا تبدأ بجبر نفسك على التعلم لمدة ساعة يومياً، بل ابدأ بخمس دقائق في اليوم حتى تعتاد الأمر و يصبح جزء منك و من ثم زدها بعشر دقائق و هكذا.

و لكي تكون العادة جذابة يجب عليك ألا تكون قادراً على مقاومتها. فمثلاً لو أردت تبني الرياضة يومياً بعد عملك، رغم تعب العمل، يمكنك أن تربط التمرين بمشاهدة حلقة من مسلسلك المفضل، فلا يكون لك أن تشاهد هذه الحلقة إلا و أنت تتمرن، و بهذا تجعل عادة التمرين جذابة.

و لكي تكون العادة مشبعة يجب أن يكون هناك شعور بالمكافأة. و في الأغلب الشعور بمكافأة العادات هو شعور مؤجل، فعندما تبدأ بتناول طعام صحي، لن تشعر بالفرق فوراً، بل قد يأخذ الأمر أسابيع حتى يتغير مقاسك و تشعر بتطور صحتك للأفضل. و في هذه يجب أن تطول بالك.

أخيراً، لكي تنجح في حياتك، يجب أن تختار عاداتك جيداً، و من ثم تجعلها جزء من هويتك. و لكي تعرف عاداتك، يجب أن تعرف ماذا تريد.. و من تريد أن تكون، أولاً.

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...