لتحيا حياة سعيدة و خفيفة-و أظن أن هذا ما يرغب فيه الجميع-يجب عليك ألا تتعلق بكل شيء تمر عليه في حياتك، و ألا تولي اهتماماً لكل حدث أو فعل أو قول يُقال في حضرتك أو غيابك. ماذا ستستفيد لو جلست تفكر عزيزي القارئ، بكلمة قالها لك مديرك بعد أن رجعت إلى بيتك، و أنت جالس في حضن عائلتك؟ ما النفع الذي سيعود عليك و أنت مستمر في غضبك على شخص التف عليك بسيارته قبل خمس ساعات؟! هذا ما تطرق إليه ريتشارد كارلسون في كتابه (DON’T SWEAT THE SMALL STUFF.. AND IT’S ALL SMALL STUFF!) كان كارلسون ليقدر على اختيار عنوان أقصر من هذا، و لكنه لم يكن ليجد عنوان معبر أكثر، و معناه: (لا تفكر بالأمور الصغيرة.. و كلها أمور صغيرة!).
في كتابه يلقي كارلسون نصائح مهمة على القراء، و سأذكر منها ثلاثة.
أولاً: ثق بحدسك. و حدسك قد يعني الشعور اللا إرادي المزعج الذي ينمو في أحشائك عندما ترى شخصاً جديد لأول مرة ثم تكتشف بأنه محتال.. و قد يعني أيضاً تعليمك أو تدريبك الذي مارسته طوال حياتك حتى صار جزء منك، يدلك على الطريق الصحيح بدون أن تشعر، مثل القصة التي ذكرها جيمس كلير في كتابه (العادات الذرية). و تقول القصة: التقى رجل بزوجة ابنه (الممرضة) في تجمع عائلي، فقالت له الممرضة فوراً: "لا يعجبني شكلك". رد عليها الرجل ممازحاً: "و أنا لا يعجبني شكلك أيضاً!". فقالت له: "كلا، أنت بحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى الآن!". أصرت المرأة حتى ذهب الرجل إلى المستشفى، و اكتشف بأنه يعاني انسداداً في شريان رئيس، فخضع لجراحة مستعجلة. الجراحة و حدس المرأة أنقذا حياة الرجل.
النصيحة الثانية، اسأل نفسك دائماً، ما هي الأمور المهمة بالنسبة لي؟ هل هي كثرة المال؟ هل هي امتلاك جسم صحي و جميل؟ هل هي محبة الناس و فعل الخير؟ هل هي وجود علاقات قوية بيني وبين عائلتي و أصدقائي؟ هل هي العمل ليل نهار كي أصل إلى منصب معين؟ و عندما تعرف جواب هذا السؤال.. ابدأ في وضع قائمة أولوياتك في الحياة.
أخيراً.. "لو رمى أحد الكرة عليك.. لا يلزمك أن تمسكها". لا تقل نعم، دائماً للآخرين. ليست من وظيفتك رفع التعب و الحمل دائماً عن الناس. أنت مسؤول عن نفسك طوال الوقت.. و لكنك لست مسؤول عن الآخرين طوال الوقت. لست مجبراً بالرد على كل اتصال و كل طلب و كل حاجة و تلبية الناس في طلباتهم طيلة الوقت. يجدر التنويه، أن هذه ليست دعوة إلى تجاهل مساعدة الناس و الحس بالمسؤولية اتجاه المجتمع، و لكنها دعوة إلى عدم تحميل النفس فوق قدرتها و طاقتها.. بحيث يصل الانسان إلى الانهيار، و عندها لن يقدر على مساعدة لا نفسه و لا غيره.
الحياة أكبر و أهم من أن نولي الأمور الصغيرة جل اهتمامنا.. فعندما نفعل ذلك.. لا نترك مكاناً كافياً للأمور الكبيرة و الأمور التي تهمنا فعلاً، و بدلاً من ذلك نعبئ حياتنا بالقلق و الأرق. و هذا في النهاية خيارك عزيزي القارئ.. هل تريد أن تملء وقتك بالتفكير بقيل و قال، قيل من ورائك.. أم هل تريد أن تملء وقتك بالتفكير في أحلامك و خططك؟
لا تنسى بأن كل شيء من حولك صغير و تافه معظم الوقت.. و أنك أنت ما تجعله كبيراً و عملاقاً في رأسك.
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق