الثلاثاء، 11 أبريل 2023

القطري كفو!

 

 

 

خلال الشهر الماضي، أقامت وزارة الثقافة مشكورة عدة ندوات في معرض رمضان للكتاب. و فيها، تم استضافة شخصيات بارزة و رائدة في المجتمع، ذكروا قصص مهمة و قيمة، و سأذكر منها اثنتان هنا.

القصة الأولى كانت على لسان وزير التعليم السابق سعادة الدكتور عبدالعزيز بن تركي السبيعي أيام تأسيس جامعة قطر، حيث يذكر بأن سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رحمه الله وجّه في بداية سبعينيات القرن الماضي بانشاء جامعة وطنية في قطر، فاتجه الوزير و الدكتور عيسى غانم الكواري رحمه الله إلى السفير البريطاني لاستشارة خبراء من الخارج، فندب السفير خبيرين اثنان من جامعة درم البريطانية. أتى الخبراء إلى قطر و أعدوا تقرير من خمسة عشر صفحة يوصون فيه بأن لا حاجة لقطر في إنشاء جامعة، و أنه يُكتفى فقط بإنشاء صف واحد بعد إنهاء الدراسة الثانوية لإعداد الطلاب للالتحاق بجامعة درم! اتصل الدكتور الكواري بالسبيعي و محمد سالم الكواري لإعطاء رأيهما في التقرير، فكتبا تقرير يرفض التقرير البريطاني لأنه لا يحقق طموح الدولة. ألغى الشيخ خليفة رحمة الله عليه التقرير البريطاني. و بعد ذلك أعطت مجموعة أخرى ممن تعمل في الوزارة اقتراحاً بأن يتم جلب فريق من مصر لإنشاء الجامعة، فأتوا بمجموعة علماء من مصر و على رأسهم رئيس جامعة القاهرة، و عملوا نظام تعليمي مفصل على نموذج النظام التعليمي الموجود في مصر. تم تقييم هذا النظام و لم يُقبل لأنه كبير و لا يناسب قطر كدولة و مجتمع صغير. فيما بعد جلس الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني-رحمه الله-وزير المعارف آنذاك، للخروج بحل لإنشاء الجامعة، فأخبره الشباب القطريين بأنهم يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في انشاء الجامعة، و أن ما يلزمهم فقط هو خبير من اليونسكو. و هذا ما حصل، تم بناء مشروع جامعة قطر من قبل فريق وزارة المعارف مع الخبير. و من ثم اُفتتحت جامعة قطر في عام ١٩٧٣.

القصة الثانية هي عن إنشاء وزارة الخارجية في دولة قطر في عصر الشيخ خليفة آل ثاني رحمه الله، وفيها وقتها، لم يكن لدينا في قطر سفراء أو من نعتمد عليه لإدارة البعثات الدبلوماسية، فدار الحديث حول إمكانية اعتمادنا على الآخرين و ارسال سفراء غير قطريين حتى يتطور القطريين و يستطيعون استبدال السفراء الأجانب، فصدر قرار القيادة آنذاك برفض هذا الاقتراح و الاعتماد على القطريين حتى يتعلموا من أخطائهم. و هذا القرار جعل العديد من القطريين يعملون في وزارة الخارجية و هم شباب، و منهم سعادة السفير حمد بن عبدالعزيز الكواري الذي حكى هذه القصة، والذي كان عمره عندما أصبح سفير ٢٢ سنة!

هاتان القصتان تثلجان صدر كل قطري، و فيهما دروس كثيرة، و لكن ما جذبني فيهما حقاً هو الاعتماد على القطريين و الكفاءات الوطنية لأن ذلك في النهاية هو ما في مصلحة قطر و الشعب القطري! و هذه ليست دعوة إلى إقصاء غير القطري في مراكز العمل، و لكنها دعوة إلى الاعتماد و الثقة بالقطري أولاً، و خاصة في الدوائر الحكومية، فلدينا الكثير من الكفاءات الثمينة. و مؤهلات القطري اليوم تتحدث عن نفسها، فهو اليوم دكتور و مهندس و فنان و كاتب و رجل أعمال و معلم و غيرها من المؤهلات و المهن النبيلة!

فلنرجع إلى الزمن الجميل.. فلنثق بالقطري و لنعتمد عليه أولاً و بشكل رئيس، فهو جدير بالثقة و هو من يعرف ما هو الأفضل لقطر!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...