الإيجابية هي النظر إلى المواقف و الأشياء بالتفاؤل أو السعادة أو الثقة. هذا هو المعنى المفهوم بين الناس.
لكنك لو استشرت المعجم فإنك ستضيع بين المعاني، لأن الإيجابية ليست مُعرّفة فيه بشكل واضح ودقيق.
والواقع يُحاكي المعجم لأن الكثير من الناس يخلطون بين الإيجابية وأمور أخرى لا تمت للإيجابية، بصلة.
البعض يعتقد أن الإيجابية هي العيش في عالم الخيالات. وطبعا الإيجابية شيء، والخيال شيء آخر.. ليس من الإيجابية في شيء.
أن تحدث لك مشكلة وتجلس في مكانك وتقول ربي سيحلها غداً إن شاء الله دون أن تعمل شيئاً، هذه ليست إيجابية! نعم قد يحلها الله في الغد ولكنه لأنه لطيف بعباده لا لأنك تعيش في عالم الأحلام. وهو ألطف أيضاً بمن يسعى ويعمل ويدعو بالفرج ويحاول حل مشاكله!
و الإيجابية ليست أيضاً في ترديد الشعارات والأقوال والأمثال مثل (كل شيء يحدث لسبب ما) أو (كل شيء سيكون على ما يرام) أو (كل مر سيمر) و (كل شيء مؤقت)، هذه الأقوال كلها لها معانيها الثقيلة التي تكون أعمق من ترديدها بدون فحوى، وأنا شخصياً، أؤمن بها ولكن أفعل ذلك بتفكر لأني أؤمن بأن ترديد هذه الشعارات وحده لا يكفي بل يجب أن أعمل وأن أثق بالله، وأن ما أريد وقوعه سيحدث لأنني أدعو و أعمل. وفي النهاية قد تأتي الأمور كما أشتهي أو قد تسير بعكس ما أشتهي. و في الحالتين أنا أقبل كل ما يرتبه الله في طريقي وأتعامل وأتفاعل معه، ولا أكون جماد يستقبل دون أن يستجيب.. يأخذ دون أن يعطي.. أو يأخذ ويعطي فقط الشعارات الجوفاء!
هذه ليست إيجابية.
الإيجابية ليست في النظر في الجزء الممتلئ من الكأس دون الجزء الفارغ، هي النظر إلى الجزء الفارغ و الممتلئ معاً، والرضا بهما كليهما، ومعرفة الجزء السيئ والجزء الجيد من الأمر، وأنه علي أن أتعامل مع السيئ وأن أشكر الله على الجزء الحسن!
جزء من الإيجابية هي الثقة واليقين والإيمان، ولكنها ليست ثقة عمياء، وليست يقين ناقص وليس ايمان غير مكتمل.
الإيجابية هي الثقة بأنني لو عملت وفعلت فإنني سوف أصل إلى ما أريد، و بأنني أستطيع أن أحل مشاكلي وأن أتدبر أمري إذا فعلت كذا وكذا!
واليقين هو يقين بالله وتوكل عليه بأنه سيصرف الأمور على أكمل وجه و أنه إن لم يحدث ما أتمنى.. فإن الذي حدث هو أفضل سيناريو قد يحدث لي!
و الإيمان هو الإيمان بالله ومن ثم بنفسي على أني قادرة أن أتخطى جميع ما أمر به بعقل وتفكر و بالقدرة التي أعطانا الله إياها.
من المهم للمرء أن يعرف معنى الإيجابية الحقيقي حتى لا يقع في الإيجابية السامة والتي ستؤثر عليه وعلى علاقاته مع الناس. و الإيجابية السامة هي النظرة التفاؤلية اللامنطقية إلى الأمور والحياة بشكل خيالي. هذه الإيجابية السامة ستجعل الانسان مُحبط أكثر حيث أنه عندما تخذله الحياة لن يتقبل الخذلان، لأن الإيجابية السامة حشت رأسه بمعاني هي في أصلها سلبية!
اعرفوا معنى الإيجابية الحقيقي، و فرقوا بين الإيجابية و الإيجابية السامة حتى تكونوا أفضل، و تشعرون بانكم أحسن!
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق