الخميس، 9 فبراير 2012

الطائر المجروح

لمع نجم «تويتر» على جبين عام 2011 بُعيد الثورات العربية، فاكتسح قلوب البشر، إما هماً وإما تعلقاً، مخلفاً أثراً عميقاً في كل من التاريخ والناس. فدور «تويتر» معروف في الثورة المصرية، بعد أن عمل على توعية الناس وتنظيم المظاهرات، مما سبب حساسية لدى النظام البائس وجعلهم يقطعون الإنترنت لأيام، وكذلك دوره في إيصال الخبر الحي إلى أكبر شريحة من الناس في الوقت نفسه، ولا ننسى أن خبر مقتل بن لادن في غارة جوية تناقلته تغريدات في «تويتر» قبل إعلان أوباما عن مقتل بن لادن بكثير.
دور «تويتر» الذي أصبح ملجأ المبدعين من الشباب المتشيخين والشيوخ المتشببين معلوم، والفضاء الذي يفسحه «تويتر» للناس ملموس، وحرية القول المكفولة لدى كل البشر في جمهورية «تويتر» هو ما جمّع الناس وكومهم فيه، لكن دوام الحال من المحال، وهذا ما أوضحته إدارة «تويتر»، بعد أن أعلنت أنها ستحجب بعض التغريدات في حالة طلب بعض الحكومات ذلك. وهذا أكبر قيد قد يضعه موقع تواصل على أيدي الناس، الناس أنفسهم الذين يهربون من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي لحرية يتمسكون بها. قرار «تويتر» هذا -الذي أقروه تفادياً للملاحقة القضائية- هز العالم التويتري، وأرجع الطيور إلى أعشاشها.
فكيف بعد تذوق طعم حرية القول يرجع المرء ليقول في فمي ماء؟ 
رفض أغلب «المُتَوْتِرون» هذا القرار حول العالم، فانتشرت الدعوة إلى مقاطعة «تويتر» في يوم السبت الموافق 28 يناير من 2012 أي بعد يوم تقريباً من نشر قرار «تويتر». هذه الدعوة إلى المقاطعة لم تولد من الفراغ، بل من قلب الوعي بالطرق السلمية والحضارية لتغيير الأشياء إلى الأفضل، ومن العقل المتيقظ القادر على استيعاب مقدرته على الرفض وقول لا لأي شيء يسلب من حريته.
كتبت في «تويتر» بعد انتهاء المقاطعة، «المقاطعة اليوم أثبتت أن الناس باتت ترفض فعل الوصاية على أفعالها وأقوالها. وبهذا فقط، أرى أن المقاطعة نجحت!». كنت واثقة بفشل ونجاح المقاطعة، فهي ناجحة للسبب الذي ذكرته، وفاشلة في الجانب الكمي، حيث إن مقاطعة الآلاف لموقع يعج بالملايين مثل «تويتر» وليوم واحد لن تؤثر به، رغم إصدار «تويتر» بياناً لتوضيح قرارهم، بعدما نزلت نسبة الدخول بالموقع بواقع %30 يوم السبت!
وأخيراً، كانت هنالك المنشورات، ثم الصحف والمجلات والكتب ومن ثم المدونات والـ «فيس بوك»، وصولاً إلى «تويتر» الذي ستتبعه مواقع أخرى وأدوات أخرى، كلها تؤكد أن غاية الحرية لا تعرف وسيلة مواصلات محددة، وأنها روح تتسلل بين الأدوات، فتتجدد ولا تفنى.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...