ما اشتعلت قضية حمزة كاشغري حتى التفت الناس إلى بعض الشكوك الذي يحملها الشباب والإلحاد الذي قد ينتج عنها. وهي أمور مفهومة في سن صغيرة كما يتفق أغلب الناس العقلانيين، فالأديان بشكل عام تحتاج إلى من يسندها ومن يشرحها شرحاً مفصلاً ومحببا فيقضي بها على الحيرة بالمنطق، والعقائد لا يتقبلها الناس بالتلقين -وإن لانت لها قلوبهم- ولكنها تُحفظ في القلوب عندما تُناقش وتُوضح ويفتح مجال الأسئلة والحوار بين المتكلم والمستمع.
استقبال الأسلوب اللين والبحث هما من مفاتيح الوصول إلى الصراط المستقيم، وكل مسلك موجود، فلا تنقصنا مراجع دينية ولا مساجد ولا مدارس تحفيظ ولا دعاة ولا مشايخ، ومع هذا كله قد يضيع المرء المتشكك في هذه المعمعة، فقط لأن شخصا رفض توجيهه أو امتنع عن ذلك لأن أسئلته كانت تمس الذات الإلهية أو تدخل في أعمق دهاليز الدين، وهذا أمر خاطئ إن كان من الناحية التعليمية أو التربوية، فخطأ أن تولي وجه شخص نحو التلقين والتسليم بما هو أمامه من نصوص وقصص قسراً دون فهم وتبيين، وخطأ أن تطلب منه أن يتعوذ من إبليس وأن ينسى الموضوع، أو أن تنصحه بأن يصلي ركعتين لتزول بعدها كل الشكوك! كلها أساليب خاطئة، ليست من صلب الإسلام الذي طلب منا أن نتفكر وأن نتساءل وأن نقرأ ونحلل قبل التسليم بأي شيء. الإسلام طلب منا أن نرتقي مع عقولنا فلا نكون كالبهائم، تابعين بلا تعب، منساقين على كعب، لا تهمنا الوجهة ما دمنا سنصل.
لا بأس في أن نتأمل وأن نبحث عن الإجابة في الإسلام؛ لأننا نستطيع القول ببساطة: إنه يحمل الإجابات الكاملة التي تستطيع أن تتحدانا بالمنطق رغم كل الأشياء التي لا تستطيع تخلل عقولنا كعلوم الغيب مثلاً من جنة ونار.
ولأشباه الدعاة الذين يقابلون الشباب بالإنكار والتقريع عند طرحهم أسئلة حساسة وعميقة في الدين نقول لهم إما أن تجاوبوا أو أن تصمتوا فإن أجبتم فذلك إثبات للمثبت ألا وهو حمل الإسلام لكافة الأجوبة والحق، وإن صمتم فذلك أفضل من تكميم أفواه الفتوة وخلق أرواح هائمة يجبرها المجتمع إما على النفاق أو البحث عن مستقر آخر!
قال مصطفى محمود: «رحلتي من الشك إلى الإيمان لم تكن بسبب إنكار أو عناد أو كفر وإنما كانت إعادة نظر منهجية حاولت أن أبدأ فيها من جديد من دون مسلمات موروثة، ولم أفقد صلتي بالله طوال هذه الرحلة. وإن كنت قد بدأت قطار الفكر وقطار الدين من أوله من عند الصفحة الأولى. من مبدأ الفطرة. وماذا تقوله الفطرة من دون موروثات، وانتهيت من الرحلة إلى إيمان أشد وعقيدة أرسخ وانعكست الرحلة في الـ89 كتابا التي ألفتها».
هذه كانت كلمات الدكتور عن رحلة دامت ٣٠ سنة بحث فيها عن الإيمان فوجده، وكانت محصلته ما ذكر من الكتب وأكثر من 350 حلقة في برنامجه الشهير «العلم والإيمان».
هذه ليست دعوة إلى الردة أو الكفر والإلحاد لكنها دعوة إلى تقبل السؤال والعطف على التائهين الهائمين من الشباب الذين قد يواجهون أنفسهم بأسئلة لا يعرفون إجابتها، فتضطرب حياتهم، ولذلك يجب علينا أن نرحمهم وأن نحتضنهم بدلاً من تنفيرهم، لئلا نكون، في النهاية، كلنا من الخاسرين».
(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: 16). صدق الله العظيم.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
استقبال الأسلوب اللين والبحث هما من مفاتيح الوصول إلى الصراط المستقيم، وكل مسلك موجود، فلا تنقصنا مراجع دينية ولا مساجد ولا مدارس تحفيظ ولا دعاة ولا مشايخ، ومع هذا كله قد يضيع المرء المتشكك في هذه المعمعة، فقط لأن شخصا رفض توجيهه أو امتنع عن ذلك لأن أسئلته كانت تمس الذات الإلهية أو تدخل في أعمق دهاليز الدين، وهذا أمر خاطئ إن كان من الناحية التعليمية أو التربوية، فخطأ أن تولي وجه شخص نحو التلقين والتسليم بما هو أمامه من نصوص وقصص قسراً دون فهم وتبيين، وخطأ أن تطلب منه أن يتعوذ من إبليس وأن ينسى الموضوع، أو أن تنصحه بأن يصلي ركعتين لتزول بعدها كل الشكوك! كلها أساليب خاطئة، ليست من صلب الإسلام الذي طلب منا أن نتفكر وأن نتساءل وأن نقرأ ونحلل قبل التسليم بأي شيء. الإسلام طلب منا أن نرتقي مع عقولنا فلا نكون كالبهائم، تابعين بلا تعب، منساقين على كعب، لا تهمنا الوجهة ما دمنا سنصل.
لا بأس في أن نتأمل وأن نبحث عن الإجابة في الإسلام؛ لأننا نستطيع القول ببساطة: إنه يحمل الإجابات الكاملة التي تستطيع أن تتحدانا بالمنطق رغم كل الأشياء التي لا تستطيع تخلل عقولنا كعلوم الغيب مثلاً من جنة ونار.
ولأشباه الدعاة الذين يقابلون الشباب بالإنكار والتقريع عند طرحهم أسئلة حساسة وعميقة في الدين نقول لهم إما أن تجاوبوا أو أن تصمتوا فإن أجبتم فذلك إثبات للمثبت ألا وهو حمل الإسلام لكافة الأجوبة والحق، وإن صمتم فذلك أفضل من تكميم أفواه الفتوة وخلق أرواح هائمة يجبرها المجتمع إما على النفاق أو البحث عن مستقر آخر!
قال مصطفى محمود: «رحلتي من الشك إلى الإيمان لم تكن بسبب إنكار أو عناد أو كفر وإنما كانت إعادة نظر منهجية حاولت أن أبدأ فيها من جديد من دون مسلمات موروثة، ولم أفقد صلتي بالله طوال هذه الرحلة. وإن كنت قد بدأت قطار الفكر وقطار الدين من أوله من عند الصفحة الأولى. من مبدأ الفطرة. وماذا تقوله الفطرة من دون موروثات، وانتهيت من الرحلة إلى إيمان أشد وعقيدة أرسخ وانعكست الرحلة في الـ89 كتابا التي ألفتها».
هذه كانت كلمات الدكتور عن رحلة دامت ٣٠ سنة بحث فيها عن الإيمان فوجده، وكانت محصلته ما ذكر من الكتب وأكثر من 350 حلقة في برنامجه الشهير «العلم والإيمان».
هذه ليست دعوة إلى الردة أو الكفر والإلحاد لكنها دعوة إلى تقبل السؤال والعطف على التائهين الهائمين من الشباب الذين قد يواجهون أنفسهم بأسئلة لا يعرفون إجابتها، فتضطرب حياتهم، ولذلك يجب علينا أن نرحمهم وأن نحتضنهم بدلاً من تنفيرهم، لئلا نكون، في النهاية، كلنا من الخاسرين».
(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: 16). صدق الله العظيم.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق