أيسر وأسرع الطرق لتحويل اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متقدم، تتعدد مصادر دخله، ليس في إقامة الدولة للمصانع، ولا جلب اليد العاملة، ولا تقديم الدولة التمويل اللازم لمواطنيها -رغم أهمية كل هذه العناصر- بل هو في استثمار الدولة لأبنائها وعقولهم، عبر التعليم والثقافة وزرع حب الوطن والعمل والقيم الصالحة فيهم، لأن بهذه الطريقة سيقوم المواطنون بأنفسهم بتطوير وإعداد الاقتصاد الوطني -وبالتالي الدولة- وتحسينه في شتى المجالات دون الحاجة للاعتماد على الأجنبي أو على البترول والغاز. والتعليم أساس التقدم، وقاعدته وأعمدته وكل ما عدا ذلك يكون في الحيز ما بين قاعدة العلم والسقف الذي يضعه الإنسان لنفسه عندما يحدد قدراته. ولدينا في قطر ولله الحمد تعليم «جيد» للمدارس، وتعليم «ممتاز» للجامعات التي تتنوع من جامعة قطر إلى جامعات المدينة التعليمية إلى باقي الكليات والجامعات التي تملأ دولتنا، بالإضافة إلى برنامج سمو الأمير وسمو ولي العهد للابتعاث، ولدينا أيضاً استثمار الدولة في الإنسان، فالرجل والمرأة المميزان يلقيان العناية والاهتمام اللازم والدعم إن وُجدوا، فإذاً لدينا التعليم وقدرة الاستثمار في الإنسان، ولكن هل لدينا الإنسان الذي نعلمه ونستثمر فيه؟ الأمانة العامة للتخطيط التنموي في كتاب نشرته بعنوان «قطر تترك إرثاً للأجيال القادمة» وضحت إحصاءات مهمة، منها أن القطريين الحاصلين على الشهادة الثانوية هم %56 في مقابل ٢٤% للشهادة الجامعية عام 2010، وبنفس التقدم المماثل للإناث. وأيضاً من أهم الإحصائيات، كون الرجال القطريين يتقاعدون في سن مبكرة جداً هي (40 عاماً) كما هو ملاحظ خلال 2001-2011 مقارنة بغيرهم في معظم البلدان (69 و76 في الدول المتقدمة والدول الثماني على التوالي). هذه الإحصائيات المقلقة يؤكدها الواقع، حيث نرى كل يوم تخلف فتاة أو شاب عن الثانوية أو الدراسة الجامعية، ومن ثم تخلفهم عن العمل وبقاؤهم في البيت معتمدين على أهاليهم أو أي وسائل اتكال أخرى! فما السبب إذن في تسرب القطري من بين أصابع الاستثمار؟
يرجع ذلك في نظري إلى خلل في التربية، والحل هو في التربية ثم التعليم ثم التعليم ثم التعليم! كل رحلة استثمار ناجحة تبدأ بالتربية وتنتهي بالتعلم، وأول بيت للتربية هو بيت الأسرة التي هي أساس الحياة الاجتماعية والعلمية العملية، فإذا ما أحسنت الأسرة تربية أبنائها على الأخلاق وحب العلم والتعلم، وتعويدهم على تقدير النعمة والمحافظة عليها وعدم التفريط فيها يكون ذاك الأساس الذي يستقر عليه التعليم ليثمر بعد ذلك العمل وبناء المجتمع والدولة. نعم للتربية والتعليم والأخلاق وخاصة أخلاقيات العمل، ولا للجهل والواسطة والتبذير والاستهانة بالنعم والمقدرات، بهذا، نحول اقتصادنا إلى اقتصاد قوي مكتف لا يعتمد كل الاعتماد على الغاز، وبهذا نجعل دولتنا متينة وعظيمة، تتقدم بسواعد أبنائها.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
يرجع ذلك في نظري إلى خلل في التربية، والحل هو في التربية ثم التعليم ثم التعليم ثم التعليم! كل رحلة استثمار ناجحة تبدأ بالتربية وتنتهي بالتعلم، وأول بيت للتربية هو بيت الأسرة التي هي أساس الحياة الاجتماعية والعلمية العملية، فإذا ما أحسنت الأسرة تربية أبنائها على الأخلاق وحب العلم والتعلم، وتعويدهم على تقدير النعمة والمحافظة عليها وعدم التفريط فيها يكون ذاك الأساس الذي يستقر عليه التعليم ليثمر بعد ذلك العمل وبناء المجتمع والدولة. نعم للتربية والتعليم والأخلاق وخاصة أخلاقيات العمل، ولا للجهل والواسطة والتبذير والاستهانة بالنعم والمقدرات، بهذا، نحول اقتصادنا إلى اقتصاد قوي مكتف لا يعتمد كل الاعتماد على الغاز، وبهذا نجعل دولتنا متينة وعظيمة، تتقدم بسواعد أبنائها.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق