الخميس، 31 يناير 2013

مصر اليوم و صوت العقل


(مصر)
الوضع السياسي في مصر لا يتوقف عن الانقلاب، مرة يميناً، ومرة يساراً. الرجل العادي في مصر لا يعلم إلى من يلجأ، هل يولي وجهه للإخوان أم إلى جبهة الإنقاذ، أم إلى أحزاب أخرى لا تملك نفس حضور السابق ذكرهم؟ لو طلب مني هذا الرجل رأيي لقلت له قف مكانك، لا تذهب إلى هذا ولا ذاك، أما السبب، فلأن الإخوان رغم استحواذهم على أغلبية مقاعد مجلس الشورى والشعب وتأسيسية الدستور، وعلى أعلى مقعد في الدولة، كرسي الرئاسة، فشلوا في التجاوب مع الشعب، وفي تحقيق ولو جزء صغير من تطلعاته، ولا ينفي مسؤوليتهم كون أن الكثير لم يمنحوهم تلك الفرصة، وبالنسبة لجبهة الإنقاذ، فلا يمكن لأي أحد أن يثق في جهة تصمت عن العنف ولا تدينه إذا كان في مصلحتها! أما الأحزاب الأخرى، فبعضها كانت لها أدوار صغيرة في الأحداث المصرية الأخيرة، وبعضها لم يبن لها أثر، وهذا إن عبر عن أمر فبالتأكيد، هو لا يُعبر عن قوتها.
أقول لذاك الرجل: اصبر، فالديمقراطية لا تُولد بين ليلة وضحاها، وكل ما يحدث الآن في الفترة الانتقالية هو تراكمات لما قد يكون في النهاية غد مشرق، في جمهورية تنبذ العنف، وتتعدد القوى السياسية فيها، وتسعى لتحقيق تطلعات مواطنيها.



(اليوم)
تتكرر دعوات إسقاط النظام الحالي في مصر بين كل حين والآخر، وهو نفس النظام الذي وصل إلى مكانه عبر صناديق الاقتراع، لا عبر انقلاب عسكري، ولا بالتوريث، فهل هذا يرضي من دعوا إلى تحكيم الصناديق وكان شعارهم «الحل هو الديمقراطية»؟ لا يسقط الصندوق إلا بصندوق مثله، أما غير ذلك فهو ما لا تحتاجه مصر حالياً. مصر تحتاج رئيساً، يضع بسرعة حلولاً جادة للمشاكل، لا مسكنات، تخدر المريض إلى أن يصيح مرة أخرى شاكياً من الألم. والحوار الوطني الذي ابتدأه الرئيس مرسي، وقاطعته جبهة الإنقاذ الوطني، بدأ بأحد تلك الحلول، وهي تشكيل لجنة لتعديل الدستور ومناقشة قضايا الأمن والانتخابات البرلمانية المقبلة، وسيخصص في تلك اللجنة ٤ مقاعد من أصل ١٠ لجبهة الإنقاذ.
وأيضاً، أحد المواضيع التي يجب على الرئيس وحكومته إعطاؤها الأولوية، هو الاقتصاد، فكل ما يحدث الآن وسيحدث في مصر سيرجع سببه بطريقة أو بأخرى إلى الاقتصاد المتدهور، وحسن فعل الرئيس عندما غادر بالأمس القاهرة متوجهاً لألمانيا في زيارة تستغرق ساعات لدعم العلاقات الاقتصادية.



( صوت العقل)
على خلاف من صرح بأنه لن يشارك في أي حوار بدون ضمانات، نبذ الدكتور أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية العنف الحاصل في المدن المصرية منذ اليوم الأول، ثم قام بطرح مبادرة كاملة للحوار الوطني مع تحديد الشخصيات والأهداف، قبل أن يعلن الرئيس مرسي عن الحوار الوطني الأخير، والذي شارك فيه الدكتور أيضاً، وقاطعه آخرون.
أبو الفتوح من أواخر الأصوات العاقلة التي سمعناها في مصر، عندما اختار البعض السكوت أو تجنب الحديث عن الأوضاع الحالية والخوض في حديث آخر لمصلحته أو مصلحة من يخدمه. وقد علا صوت الدكتور في برنامج آخر النهار قائلاً: «على النخب المعارضة التطهر من الاستعانة بالنظام القديم من أجل معارضة السلطة»، كما أكد أن «بعض تصريحات جماعة الإخوان عبء على الرئيس، لأن الكراهية لهم أصبحت خطراً على الوطن والدعوة».
أبو الفتوح يؤمن -كغيره من الوطنيين- بأن دماء المصريين أغلى من المناصب، وأنه عندما يسود العنف والفوضى، يجب تغليب صوت العقل، والاستماع له، حتى لا يضيع جهد، ولا يضيع وطن.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...