الخميس، 7 فبراير 2013

قطر و الإخوان المسلمين!

منذ بداية بروز نجم قطر في ساحات السياسة وحلبات الاقتصاد، ومسارح الثقافة، والتُهم تُلصق بها من الأشقاء قبل الغير، للأسف! والسبب الذي كان يمنعني من الرد عليها، هو أن كل هذه التُهم تفتقر الإثباتات والأدلة، أي إنها تُهم ضعيفة لا تستند إلى حجة أو إلى مصدر، وكأنها تُكتب على ماء.
وتعددت التهم الموجهة إلى قطر في الإعلام حتى تمت «شيطنتها» بحسب تعبير الكاتب الزميل عبدالله العذبة، ومن التهم هذه أن قطر صهيونية، وأميركية، وماسونية وإخوانية، حتى وصل الأمر إلى اتهام قطر بدعم المسلحين في مالي! وأفضل رد على هذه الاتهامات كان من رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي نفى بشكل قاطع خلال مؤتمر صحافي أن تكون قطر قد قدمت أسلحة لأنصار تنظيم القاعدة في شمال مالي، وأضاف في معرض رده على بعض الاتهامات الفرنسية بأن قطر تمول المسلحين في مالي: «نحن متعودون على هذه الاتهامات، ومع الأسف فإن جزءاً منها يأتي من دول شقيقة، لكنني أؤكد أن قطر ليس لها أي تدخل من هذا النوع». ثم استطرد قائلاً: «في موضوع الاتهامات يجب أن يكون لديه إثبات وحجة واضحة، وإلا ستصبح مثل اتهامات أخرى في قضايا أخرى». 
وأكثر التهم التي تلقى رواجاً حالياً بين أعداء الدور القطري في المنطقة، هي «الأخونة»، أي إن قطر «إخوانية الهوى»، ويضعها هؤلاء في خانة التهم مثلما يضع المتطرفون الإرهاب مكان الإسلام، ورغم ذلك هي دون الإثبات أو حتى الدليل، لكنها تبقى التهمة المحببة لمطلقيها.
يستند بعض من يرمي قطر بتهمة «الأخونة» إلى وصول الإسلاميين، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في دول الربيع العربي، وكأن ليس لهم الحق في ذلك، معتقدين -بقناعة كاملة- أن قطر هي من أوصلتهم مكانهم، وينسى هؤلاء وقائع مهمة تبدد تهمتهم، وهي، أولاً: أن بعض هذه الجماعات الإسلامية يمتد عمرها إلى 80 عاماً، وأنها جماعات منظمة، ذات أهداف محددة، لا تنتظر من غيرها توجيهاً أو أوامر.
ثانياً: قطر ساندت دول الربيع العربي منذ اليوم الأول، ولم تُفضل حزباً أو جماعة أو تعاملهم بشكل مميز على حساب غيرهم، ولم تتعامل بعد ذلك إلا مع الحكومات التي اختارها الشعب، وبدبلوماسية رفيعة.
ثالثاً: الدعم المادي الذي تمده قطر -وغيرها من الدول مثل السعودية- لدول الربيع العربي، لا تعطيه لجماعات بعينها، بل تعطيه للدول وشعوبها وفي العلن، بعكس ما يفعله البعض في الخفاء!
أما أهم هذه الوقائع، كون الثورة الليبية التي دعمتها قطر مذ البداية لوجستياً ومعنوياً -ولا تزال تدعمها- قد تقدمت فيها القوى الليبرالية على الإسلامية في الانتخابات التشريعية!
وأحب أن أقول لمن يُروج دعم قطر لجماعات «إخوانية» أو غيرها في دول الخليج: أثبتوا ما كنتم تزعمون لو كان كلامكم صحيحاً! وأضيف على ذلك قولي بأن علاقة قطر بشقيقاتها الدول الخليجية، علاقة عميقة، ولها جذور لا يمكن اقتلاعها بسهولة من قبل صحافة تكتب بلا دليل وتنشر بلا احترام لعقل القارئ الذي يعي ويحلل ويفهم. وهذه العلاقة تؤكدها الأرقام والوقائع لا الأهواء والادعاءات، ومنها خبر صدر في الأسابيع الماضية عن استعانة إمارة دبي بالمكثفات القطرية بدل النفط الإيراني، وقبلها نُشرت أرقام كبيرة تبين حجم الواردات والصادرات -المتبادلة- بين دولة قطر والإمارات العربية المتحدة، وقبلها كان تصريح سمو أمير الكويت صباح آل صباح وتشديده على علاقة الكويت وقطر العميقة عندما أوضح بأن قطر ليس لها أي دخل فيما يحصل في الكويت، وغيرها أمثلة كثيرة في البحرين والعراق وعمان، والسعودية التي أورد أمثلة على قوة علاقتها مع قطر الكاتب مهنا الحبيل في مقاله «حوار وميزان مع مقالة الزميل قينان» في صحيفة الوطن القطرية.
كلمة أخيرة:
قطر لا تدعم الفصائل والأحزاب، أو الجماعات، قطر تدعم الإنسان واختيارات الشعوب، وهي أكبر من تصنيف، أو خانة «إخوانية» أو غيرها، هي كما وصفها سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني -ببساطة- كعبة المضيوم.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...