الخميس، 21 مارس 2013

البطولة في الإنسان

(مدخل)
كم طريقاً أمامنا؟ وكم درباً نختار في حالة الوعي واللاوعي؟ ولماذا يكتب الروائيون عن الخسارة والظلم والجشع والفساد، ثم يسمون الشخصيات التي تتسم بهذه الصفات بالأبطال؟ لماذا تفوز الأفلام التي تروي قصص النضال والنجاح بحصة كبيرة في صندوق التذاكر وبعدد لا يستهان به من الجوائز، بينما لا تحظى الأفلام التي تتكلم عن الحزن والشوق والعذاب بمثلها، مع أنها الأقرب إلى الواقع؟
(البطولة)
البطولة هي تغيير الغير أو الواقع. البطولة هي تقبل الفشل من أجل النجاح. البطولة هي الفن الذي يحاول إشباع النقص الذي ينهش في أرواح البشر. البطولة هي سيمفونية تُعزف في ملحمة ما في زمان ما في مكان ما. البطولة هي السلام.. الخير.. الوئام.. جميل الكلام، وحسن المقام.
(البطولات الفردية)
يحاول الناس دائماً إخراج البطولات الفردية أو الشخصية من البطولات الجماعية، فهنالك مثلاً في كل حرب جنرال معين أو رئيس يُنسب له النصر والفتح، رغم أن الجنود هم في الواقع الفاتحون الحقيقيون، ولا يفعل الناس ذلك لأنهم لا يعترفون بالبطولات الجماعية، بل لأن البطولات الفردية أجدر بالإعجاب والتمجيد، فأي مجموعة قد تخلق بطولة، ولكن ليس كل شخص قادراً على خلق بطولة بنفسه، دون أي مساعدة.
(أبطال التاريخ.. ونحن)
يروي التاريخ قصصاً عن أبطال حقيقيين -بخلاف أبطال الأفلام والروايات- ورغم ذلك عندما نقوم بعدهم، نجدهم أعداداً صغيرة جداً مقارنة بعدد من عاش، ومن سيعيش من البشر على هذه الأرض، إلا أنه لا يغيب عن بالنا حساب أولئك الأبطال المجهولين، كمن حارب في جيش بلده دون أن يستحوذ على وسام، وكمن قدم المال للجمعيات الخيرية عندما غابت الكاميرات، وكالمعلم الذي أعطى الكثير دون أن يطلب حتى كلمة شكر، وكل أولئك الذين نسي التاريخ أن يذكرهم بين طياته. نحسب كل هؤلاء، ثم نتمنى أن نكون بينهم، ومن المشهورين منهم خاصة، فإن نحن فشلنا في ذلك، نقبل كوننا جنوداً مجهولين، نعطي، ولا نأخذ إلا القليل.
(مخرج)
البطولة لا تُولد مع الإنسان، الإنسان هو من يُولد البطولة، فيعصرها من جبينه، أو من جيبه، أو من خلاصة أفكاره، والمهم هنا هو كيفية العصر، لا العصر بحد ذاته، فالناس قد جربوا كل شيء، إلا أنهم لم يجربوا كافة الطرق.
جربوا طرقكم، واخلقوا من أنفسكم أبطالاً، ما زال في التاريخ متسع وورق!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...