(مدخل)
نحنُ العرب مُبرمَجون، ولا أقصدها بالمعنى المؤامراتي الذي يحب البعض إقحامه في كل سياق، بل أقصدها من ناحية عضوية نفسية أخرى، فنحن ما أن نعي، نضبط ساعات حياتنا على وقت معين، كي نستيقظ فيه ونعيش، إلا أننا لا نصحو، بل نكتفي بـ»غفوة» تلحقها «غفوة» لنصحو في آخر العمر نعد الغفوات والهفوات والنزوات!
(طريق مسدود)
كم منا ذاك الشاب الذي يتأفف وهو يضبط ساعته على حفلة التخرج، فلا يهمه ماذا سيتعلم في الجامعة، ولا فيم سيستخدم علمه، بقدر اهتمامه بالدقيقة التي سيتخرج فيها؟ كم منا ذاك الموظف العام الذي لم يقترح يوماً على مديره مبادرة أو اقتراحاً يُحسن المكان الذي يعمل فيه أو يسهل عمله، لأن كل همه هو مجيء اليوم الذي يتقاعد فيه؟ كم منا تلك الشابة التي تضبط ساعتها بفارغ صبر على الدقيقة التي تسافر فيها، لتسافر بعد ذلك، وتجلس في نفس المقهى كل يوم، في نفس الساعة؟ كم منا رمى كتاباً بلا صبر لأنه «لم يملك الوقت الكافي للقراءة»؟ كم منا خرج في نصف المسرحية «ليستغل وقته في أمر أفضل»؟ كم منا غفا في السينما «ليعتذر بأنه تأخر عن موعد نومه؟!»
إذا شعرتم بأن من أتكلم عنهم هم أنا وأنتم، فستعرفون أننا مبرمجون، وأننا من برمجنا أنفسنا على الكسل العلمي والقصور الاجتماعي والضمور الفكري، وقريباً -أو ربما قد نكون وصلنا فعلاً إلى تلك المرحلة- الانحطاط الأخلاقي.
نحن العرب لا نعرف شيئاً عن ثقافة النمو التي يعتنقها الغرب، وأنهم لا ينامون أصلاً، وبالتالي لا يضبطون ساعاتهم على موعد، بل يعيشون ويستمتعون بكل دقيقة في وقتها، فلا يُغيبون أنفسهم عن الحاضر من أجل أمر قد يحدث أو لا يحدث في المستقبل، ولا يمنعون عن أرواحهم وعقولهم النمو والتفتح والازدهار والتطور المستمر، بل يبحثون عن كل فلسفة وطريق يُحفزهم للنمو بالعلم والعمل والفكر حتى وإن كانوا في أواخر العمر!
(مخرج)
لكي نرمي الأغلال التي نسميها جزافاً بالساعات ونحيا حياة منتجة ومهمة، نحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياتنا، ومن أهم هذه الأولويات هي معرفة مكانة العلم والمال في نفس الإنسان. وللتذكير، العلم ليس وسيلة، العلم غاية، والمال ليس هدفاً بل أداة!.
بعد ترتيب الأولويات، علينا أن نسمح لأرواحنا وعقولنا وعلومنا وخبراتنا بالنمو، والتفتح والتطور مع الوقت، كما نعطي لأجسادنا الحق في ذلك، لنتقدم أكثر في سباق الأمم، ولنحيا حياة كاملة، لا تسرقها منا غفلة، ولا غفوة.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
نحنُ العرب مُبرمَجون، ولا أقصدها بالمعنى المؤامراتي الذي يحب البعض إقحامه في كل سياق، بل أقصدها من ناحية عضوية نفسية أخرى، فنحن ما أن نعي، نضبط ساعات حياتنا على وقت معين، كي نستيقظ فيه ونعيش، إلا أننا لا نصحو، بل نكتفي بـ»غفوة» تلحقها «غفوة» لنصحو في آخر العمر نعد الغفوات والهفوات والنزوات!
(طريق مسدود)
كم منا ذاك الشاب الذي يتأفف وهو يضبط ساعته على حفلة التخرج، فلا يهمه ماذا سيتعلم في الجامعة، ولا فيم سيستخدم علمه، بقدر اهتمامه بالدقيقة التي سيتخرج فيها؟ كم منا ذاك الموظف العام الذي لم يقترح يوماً على مديره مبادرة أو اقتراحاً يُحسن المكان الذي يعمل فيه أو يسهل عمله، لأن كل همه هو مجيء اليوم الذي يتقاعد فيه؟ كم منا تلك الشابة التي تضبط ساعتها بفارغ صبر على الدقيقة التي تسافر فيها، لتسافر بعد ذلك، وتجلس في نفس المقهى كل يوم، في نفس الساعة؟ كم منا رمى كتاباً بلا صبر لأنه «لم يملك الوقت الكافي للقراءة»؟ كم منا خرج في نصف المسرحية «ليستغل وقته في أمر أفضل»؟ كم منا غفا في السينما «ليعتذر بأنه تأخر عن موعد نومه؟!»
إذا شعرتم بأن من أتكلم عنهم هم أنا وأنتم، فستعرفون أننا مبرمجون، وأننا من برمجنا أنفسنا على الكسل العلمي والقصور الاجتماعي والضمور الفكري، وقريباً -أو ربما قد نكون وصلنا فعلاً إلى تلك المرحلة- الانحطاط الأخلاقي.
نحن العرب لا نعرف شيئاً عن ثقافة النمو التي يعتنقها الغرب، وأنهم لا ينامون أصلاً، وبالتالي لا يضبطون ساعاتهم على موعد، بل يعيشون ويستمتعون بكل دقيقة في وقتها، فلا يُغيبون أنفسهم عن الحاضر من أجل أمر قد يحدث أو لا يحدث في المستقبل، ولا يمنعون عن أرواحهم وعقولهم النمو والتفتح والازدهار والتطور المستمر، بل يبحثون عن كل فلسفة وطريق يُحفزهم للنمو بالعلم والعمل والفكر حتى وإن كانوا في أواخر العمر!
(مخرج)
لكي نرمي الأغلال التي نسميها جزافاً بالساعات ونحيا حياة منتجة ومهمة، نحتاج إلى إعادة ترتيب أولوياتنا، ومن أهم هذه الأولويات هي معرفة مكانة العلم والمال في نفس الإنسان. وللتذكير، العلم ليس وسيلة، العلم غاية، والمال ليس هدفاً بل أداة!.
بعد ترتيب الأولويات، علينا أن نسمح لأرواحنا وعقولنا وعلومنا وخبراتنا بالنمو، والتفتح والتطور مع الوقت، كما نعطي لأجسادنا الحق في ذلك، لنتقدم أكثر في سباق الأمم، ولنحيا حياة كاملة، لا تسرقها منا غفلة، ولا غفوة.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
الله المستعان
ردحذف