الخميس، 28 مارس 2013

قطر من الداخل

يرد اسم قطر كثيراً في الصحف، ومعظم تلك المقالات التي تحوي اسم قطر، إن لم تكن كلها، تُكتب من قبل أشخاص ليسوا بقطريين، ولم يزوروا قطر، أو أنهم لم يزوروها حديثاً، وكانت آخر زيارة لهم قبل عشر سنوات أو أكثر، والأمْرُ الأمَرّ، أن تكون معظم تلك المقالات والكتابات الصحافية سلبية، وبلا أدلة وبراهين، فتكون أشبه بالملابس المبللة التي تسقط من حبل الغسيل في أول دفعة لها من الريح، ولكن يبقى الاستثناء لكل قاعدة، والأكيد بأنه يوجد من كتب بشكل موضوعي عن قطر بشأن ناحية من النواحي السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية إلا أن الخارج يختلف عن الداخل، وما يعكسه المظهر يغاير بشكل أو بآخر ما يحتويه المضمون. قطر في نظر الخارج، ليست نفسها من منظر الداخل، فلو كتب أو تكلم مواطن قطري عن قطر، فإنه سيفعل ذلك بشكل مختلف عمن يراها من الخارج كحلم أو خيال يراوده إذا ما أراد أن يعطي كتاباته أهمية أو أن يُنجح خبطة صحافية.
لو تكلم المواطن القطري عن قطر فإنه سيقول إنه يتذوق أطعمة وفنون الشعوب في كتارا، وإن مسرح قطر الوطني ليس مسرحاً قطرياً في الحقيقة، ولا حتى خليجي، بل مسرح عالمي، مفتوح للجميع. المواطن القطري كان ليقول إن قطر حاضنة لهموم العرب والإسلام، وإنها تدفع وتدافع بحلول وأفعال عاجلة، لا بأقوال ومسكنات فقط كمعظم الدول الأخرى. المواطن القطري كان ليقول إن دخله هو من أعلى الدخول في العالم، وإن دولته الغنية أعطته ما يستحقه منها، لكن ذلك لا يعني تصوير الإعلام العالمي له بالغبي ذي الجيوب المليئة والعقل الفارغ. المواطن القطري كان ليقول إنه يصحو وينام تاركاً باب بيته مفتوحاً بلا خوف أو قلق، مضيفاً أن القانون في قطر يطبق على الجميع، كائناً من كان، ذاكراً بكل فخر بأنه في نهاية هذا العام سينتخب بإذن الله ممثليه في مجلس الشورى ليعاونوا الأمير ووزراءه على إدارة شؤون الدولة.
العيون التي تراقب قطر من الداخل تلاحظ الحركة المستمرة التي لا تنقطع فيها كحركة خلية النحل، وتتنوع هذه الحركة من حركة فنية وسياسية واقتصادية إلى حركة رياضية وإنسانية وتعليمية، جمعت قطر بين كل هذه الحركات وخلقت رقصة يشهد الجميع بتعقيد خطواتها وجمال انسيابها، أما بالنسبة لمن يراقب قطر من الخارج، فقد قيل سابقاً من راقب الناس مات هماً، والأولى أن يُقال الآن: «من يراقب قطر محاولاً تصيد الأخطاء -خاصة وإن لم يكن يعرفها حق المعرفة- سيموت في همه قبل أن يوفق في شيء من ذلك».


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...