(البداية)
الفيلم أداة كالقلم، ترسم المَشاهد وتكتب الحوارات في ذهن المُشاهد، وهي أداة أقوى من القلم، لأن ما يُشاهد يصعب نسيانه أكثر مما يُقرأ، وإن كان القلم هو ما يتحكم حقيقة بمصير الفيلم، سواء أكان ذلك من ناحية السيناريو أو النقد، أو حتى عبر توقيع يهدف إلى إيقاف عرض أو تصوير أو توزيع الفيلم.
(الحدث)
الخبرات والجمال والخيال، منابع تغذي الفيلم، وتجعله سفير صُناعه للمتلقي، الذي يذهب إلى السينما أو يشتري فيلماً على «دي في دي»، في أمل أن يكون قد اشترى تجربة أو مفهوماً حول ما يجب أن تكون عليه الحياة، لأن الحياة مركبة ومعقدة، ومهمة توقع أحداثها يقع على عاتق إبداع الفنانين والكتاب. والحياة أشبه بالأفلام الكوميدية، التي رغم إضحاكها للجمهور طوال ساعتين إلا أنه يوجد فيها دائماً ذاك المشهد اليتيم الذي يدور حول رحيل حبيب أو فقدان صديق أو خسارة مال أو وقوع ظلم، يصيب المشاهدين بالأسى والحزن، وهذا المشهد بعكس الأفلام الكوميدية، يتكرر بكثرة في الحياة، فلا يحدث مرة، بل مرتين وثلاثاً أو أكثر، فيكون الحزن هو الإطار الأكبر للحياة لا الضحك والمزاح.
الأفلام التي تحكي المغامرات تشبه كثيراً الواقع أيضاً، مع اختلاف النهاية، ففي الواقع هناك من يظل طوال عمره باحثاً عن كنز ما بصوره المختلفة: صديق، حبيب، مال، سلطة، عائلة أو غيره، لأنه لا مغامرة دون بحث، ومن لا يبحث لا يعيش، مثله مثل الشجرة التي تخرج من البذرة دون أن تسأل جذورها عن أصلها أو دون أن تبحث وتسأل الريح عن أسرار المدن التي زارتها وأخبار رفيقاتها المنحدرين من نفس شجرة العائلة. شجرة كهذه، لن تفعل شيئاً في دورة حياتها غير الوقوف، والموت كما هي.. واقفة.
من جهة أخرى، أفلام الرعب تخبرك كثيراً عن طبيعة الإنسان، الذي يشاهد فيلماً يعلم أنه سيرعبه في وقتها أو حتى بعد انتهائه من الفيلم بأيام، ورغم ذلك، يكمله حتى النهاية متشبثاً بكرسيه أو بمن يجلس بجانبه. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يشاهد الدم في كل مرة بإرادته، وبدلاً من ابتعاده عن المشهد الدموي، يقترب بعين مفتوحة وأخرى نصف مغمضة حتى يكاد يلمس مجرى الدم!
لا نحتاج في أيامنا هذه أفلام رعب جديدة، لا من هوليوود ولا من بوليوود، لأنهم لن يقدروا على إخراج أي فيلم رعب جيد يضاهي أفلام الرعب التي تحدث لدينا في العالمين الإسلامي والعربي، من أفغانستان وباكستان حتى ليبيا وتونس. ولا أقصد بقولي هذا التقليل من شأن ما نواجهه من صعوبات أو ما نتحمله من موت ودمار، بل توضيح فكرة أن الرعب الذي يدب في نفس جماهير أفلام الرعب لا يساوي شيئاً عند كمية الرعب التي تسيطر على سوري ينام ويصحو على أصوات المدافع والصواريخ، أو ليبي وجد نفسه بالمصادفة في وسط مواجهة بين قبيلة مسلحة وقوة عسكرية خاصة أرسلها النظام!
(النهاية)
في الأفلام، كثيراً ما تختلط التصنيفات، الفيلم قد يكون رومانسياً/كوميدياً، وقد يكون مغامرة/إثارة وقد يكون كوميدياً/رعباً. وأجمل الأفلام في ظني، تلك التي يُدمج فيها الخيال بواقع أبطال يلعبون دور الناس البسيطة الذين نراهم حولنا في كل يوم، ولكن قلما نلتفت إليهم وننظر في دواخلهم بعمق، هذا النوع أبدعه عبقري السينما الإيطالية، فيديريكو فيلليني، الذي فهم حقيقة الفن الذي يقوم على أساس تصوير الإنسان من زاوية الحقيقة، ولكن في إطار خيالي يفصل بين الفيلم الوثائقي الذي يصور الحياة كما هي، والفيلم الروائي الذي يكون أقرب إلى قلم يحمل فوق رأسه كاميرا، تصورنا، وتصور خيالنا، نتحملها ونرغب بها، لأنها تغير في الدنيا، كما تغير كلمات الأدباء وتؤلم قوافي الشعراء.
الفيلم أداة كالقلم، ترسم المَشاهد وتكتب الحوارات في ذهن المُشاهد، وهي أداة أقوى من القلم، لأن ما يُشاهد يصعب نسيانه أكثر مما يُقرأ، وإن كان القلم هو ما يتحكم حقيقة بمصير الفيلم، سواء أكان ذلك من ناحية السيناريو أو النقد، أو حتى عبر توقيع يهدف إلى إيقاف عرض أو تصوير أو توزيع الفيلم.
(الحدث)
الخبرات والجمال والخيال، منابع تغذي الفيلم، وتجعله سفير صُناعه للمتلقي، الذي يذهب إلى السينما أو يشتري فيلماً على «دي في دي»، في أمل أن يكون قد اشترى تجربة أو مفهوماً حول ما يجب أن تكون عليه الحياة، لأن الحياة مركبة ومعقدة، ومهمة توقع أحداثها يقع على عاتق إبداع الفنانين والكتاب. والحياة أشبه بالأفلام الكوميدية، التي رغم إضحاكها للجمهور طوال ساعتين إلا أنه يوجد فيها دائماً ذاك المشهد اليتيم الذي يدور حول رحيل حبيب أو فقدان صديق أو خسارة مال أو وقوع ظلم، يصيب المشاهدين بالأسى والحزن، وهذا المشهد بعكس الأفلام الكوميدية، يتكرر بكثرة في الحياة، فلا يحدث مرة، بل مرتين وثلاثاً أو أكثر، فيكون الحزن هو الإطار الأكبر للحياة لا الضحك والمزاح.
الأفلام التي تحكي المغامرات تشبه كثيراً الواقع أيضاً، مع اختلاف النهاية، ففي الواقع هناك من يظل طوال عمره باحثاً عن كنز ما بصوره المختلفة: صديق، حبيب، مال، سلطة، عائلة أو غيره، لأنه لا مغامرة دون بحث، ومن لا يبحث لا يعيش، مثله مثل الشجرة التي تخرج من البذرة دون أن تسأل جذورها عن أصلها أو دون أن تبحث وتسأل الريح عن أسرار المدن التي زارتها وأخبار رفيقاتها المنحدرين من نفس شجرة العائلة. شجرة كهذه، لن تفعل شيئاً في دورة حياتها غير الوقوف، والموت كما هي.. واقفة.
من جهة أخرى، أفلام الرعب تخبرك كثيراً عن طبيعة الإنسان، الذي يشاهد فيلماً يعلم أنه سيرعبه في وقتها أو حتى بعد انتهائه من الفيلم بأيام، ورغم ذلك، يكمله حتى النهاية متشبثاً بكرسيه أو بمن يجلس بجانبه. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يشاهد الدم في كل مرة بإرادته، وبدلاً من ابتعاده عن المشهد الدموي، يقترب بعين مفتوحة وأخرى نصف مغمضة حتى يكاد يلمس مجرى الدم!
لا نحتاج في أيامنا هذه أفلام رعب جديدة، لا من هوليوود ولا من بوليوود، لأنهم لن يقدروا على إخراج أي فيلم رعب جيد يضاهي أفلام الرعب التي تحدث لدينا في العالمين الإسلامي والعربي، من أفغانستان وباكستان حتى ليبيا وتونس. ولا أقصد بقولي هذا التقليل من شأن ما نواجهه من صعوبات أو ما نتحمله من موت ودمار، بل توضيح فكرة أن الرعب الذي يدب في نفس جماهير أفلام الرعب لا يساوي شيئاً عند كمية الرعب التي تسيطر على سوري ينام ويصحو على أصوات المدافع والصواريخ، أو ليبي وجد نفسه بالمصادفة في وسط مواجهة بين قبيلة مسلحة وقوة عسكرية خاصة أرسلها النظام!
(النهاية)
في الأفلام، كثيراً ما تختلط التصنيفات، الفيلم قد يكون رومانسياً/كوميدياً، وقد يكون مغامرة/إثارة وقد يكون كوميدياً/رعباً. وأجمل الأفلام في ظني، تلك التي يُدمج فيها الخيال بواقع أبطال يلعبون دور الناس البسيطة الذين نراهم حولنا في كل يوم، ولكن قلما نلتفت إليهم وننظر في دواخلهم بعمق، هذا النوع أبدعه عبقري السينما الإيطالية، فيديريكو فيلليني، الذي فهم حقيقة الفن الذي يقوم على أساس تصوير الإنسان من زاوية الحقيقة، ولكن في إطار خيالي يفصل بين الفيلم الوثائقي الذي يصور الحياة كما هي، والفيلم الروائي الذي يكون أقرب إلى قلم يحمل فوق رأسه كاميرا، تصورنا، وتصور خيالنا، نتحملها ونرغب بها، لأنها تغير في الدنيا، كما تغير كلمات الأدباء وتؤلم قوافي الشعراء.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق