(١)
للإنسان جسدان، جسد أُجبر عليه يكون محدوداً وفانياً، ويتكون من شكله وحركاته وسكناته الخارجية، وجسد اختياري لا محدود وأبدي، عبارة عن كل ما يغمره في الداخل من أحاسيس وأفكار وأسفار وخيال وخبرات.
(٢)
امتلاك الإنسان جسدين هو ما يميزه عن باقي الكائنات الحية، التي وإن كان بعضها يملك ردود فعل خارجية، فإنها لا تملك مثلها داخلياً، كالإنسان. وهذا ما يجعل الإنسان الذي يعبد جسده الخارجي، أقرب إلى الحيوان، الذي لا يرى في نفسه سوى جسد يزوده بالنزوات، ويفرغ منه الشهوات، وبذلك كان الجسد الداخلي هو الفاصل الذي يمنح الإنسان المرتبة الأسمى التي خُلق لها، ما بين عناية بالجسد الخارجي في حدود الحاجات، والاهتمام بالجسد الداخلي بلا قيود.
وبالتالي فإن الإنسان له عينان وأنف وأذنان ولسان في داخله كما هو الحال في خارجه، وحواسه من الداخل أقوى، وذات فاعلية أكبر. فعينا الداخل، بصر وبصيرة.. وتحملان ذاكرة تغرقهما في تفاصيل اتخاذ القرارات وبناء الأحكام، وهذا ما جعل هيلين كيلر المرأة الصماء الكفيفة البكماء، تجوب العالم، وتحصل على شهادة الدكتوراه، بالإضافة إلى تأليفها الأدبيات وإلقائها المحاضرات.
(٣)
كم من عجوز ترى في نفسها شابة، تهوى الرقص والسهر والسفر حول العالم؟ كم من فتاة بدينة ترى في نفسها بنتاً جميلة القوام، تستطيع ارتداء ما تريد من الملابس، دون تلقي تعليقات جارحة؟ نحن عبارة عن احتمالات نختارها لأنفسنا، بعضنا يختارها بحسب مقاس مظهره، وبعضنا يجتاز الشكليات ليختارها لنفسه بحسب المقياس الذي يرى أنه يستحقه، فالعجوز التي تسهر وترقص وتسافر، تختار ما تراه لنفسها، وليس ما يراه الآخرون مناسباً لها، والفتاة البدينة التي تعتقد بأنها لا تستحق ارتداء الملابس التي تظهر أنوثتها، لا تأبه بالتعليقات السلبية، لأنها لن تهتم أصلاً بنوع الملابس التي تلبسها، بعكس من ترى في نفسها فتاة جميلة تستحق ذلك، مثل الفتاة المراهقة في فيلم «الغالية» precious، والتي رغم العنف الجسدي واللفظي التي عانته من أبيها وأمها إلا أنها كانت ترى نفسها روحاً جميلة تستحق هي وأولادها كل الحب والجمال في مستقبل أفضل.
(٤)
لا يجب أن يكون الاختيار ما بين الانغماس في لذات الجسد الخارجي أو حبس النفس في محراب الجسد الآخر. لكلٍ وقت وحين ومساحة، فهما جسدان في روح، ولا يستطيع الإنسان العيش في جسد منهما دون الآخر، أو بجسديه الاثنين في الوقت نفسه بأقصى طاقتيهما، لأن الموازنة واجبة، وإلا سيتشتت الإنسان وستتبخر قدراته، إن حاول الوصول لها كلها في وقت واحد.
للإنسان جسدان، جسد أُجبر عليه يكون محدوداً وفانياً، ويتكون من شكله وحركاته وسكناته الخارجية، وجسد اختياري لا محدود وأبدي، عبارة عن كل ما يغمره في الداخل من أحاسيس وأفكار وأسفار وخيال وخبرات.
(٢)
امتلاك الإنسان جسدين هو ما يميزه عن باقي الكائنات الحية، التي وإن كان بعضها يملك ردود فعل خارجية، فإنها لا تملك مثلها داخلياً، كالإنسان. وهذا ما يجعل الإنسان الذي يعبد جسده الخارجي، أقرب إلى الحيوان، الذي لا يرى في نفسه سوى جسد يزوده بالنزوات، ويفرغ منه الشهوات، وبذلك كان الجسد الداخلي هو الفاصل الذي يمنح الإنسان المرتبة الأسمى التي خُلق لها، ما بين عناية بالجسد الخارجي في حدود الحاجات، والاهتمام بالجسد الداخلي بلا قيود.
وبالتالي فإن الإنسان له عينان وأنف وأذنان ولسان في داخله كما هو الحال في خارجه، وحواسه من الداخل أقوى، وذات فاعلية أكبر. فعينا الداخل، بصر وبصيرة.. وتحملان ذاكرة تغرقهما في تفاصيل اتخاذ القرارات وبناء الأحكام، وهذا ما جعل هيلين كيلر المرأة الصماء الكفيفة البكماء، تجوب العالم، وتحصل على شهادة الدكتوراه، بالإضافة إلى تأليفها الأدبيات وإلقائها المحاضرات.
(٣)
كم من عجوز ترى في نفسها شابة، تهوى الرقص والسهر والسفر حول العالم؟ كم من فتاة بدينة ترى في نفسها بنتاً جميلة القوام، تستطيع ارتداء ما تريد من الملابس، دون تلقي تعليقات جارحة؟ نحن عبارة عن احتمالات نختارها لأنفسنا، بعضنا يختارها بحسب مقاس مظهره، وبعضنا يجتاز الشكليات ليختارها لنفسه بحسب المقياس الذي يرى أنه يستحقه، فالعجوز التي تسهر وترقص وتسافر، تختار ما تراه لنفسها، وليس ما يراه الآخرون مناسباً لها، والفتاة البدينة التي تعتقد بأنها لا تستحق ارتداء الملابس التي تظهر أنوثتها، لا تأبه بالتعليقات السلبية، لأنها لن تهتم أصلاً بنوع الملابس التي تلبسها، بعكس من ترى في نفسها فتاة جميلة تستحق ذلك، مثل الفتاة المراهقة في فيلم «الغالية» precious، والتي رغم العنف الجسدي واللفظي التي عانته من أبيها وأمها إلا أنها كانت ترى نفسها روحاً جميلة تستحق هي وأولادها كل الحب والجمال في مستقبل أفضل.
(٤)
لا يجب أن يكون الاختيار ما بين الانغماس في لذات الجسد الخارجي أو حبس النفس في محراب الجسد الآخر. لكلٍ وقت وحين ومساحة، فهما جسدان في روح، ولا يستطيع الإنسان العيش في جسد منهما دون الآخر، أو بجسديه الاثنين في الوقت نفسه بأقصى طاقتيهما، لأن الموازنة واجبة، وإلا سيتشتت الإنسان وستتبخر قدراته، إن حاول الوصول لها كلها في وقت واحد.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
السلام عليكم
ردحذف...أعجبني جدا عمق التفكير
و لكنني أتسائل لماذا لا يكون له جسد واحد و روحين ؟؟؟
كنت هنا.............