الخميس، 5 سبتمبر 2013

الفن و أهله

في إحدى حلقات المسلسل الأميركي الشهير «Franklin &bash» يعترف أحد الشخصيات بأنه أخطأ عندما اعتقد أن الفن لا يمكن أن يكون إلا ضمن لوحة، أو في جمود صخرة أو لحن أغنية. تُصرح الشخصية بأن الفن قد يشمل الكثير،حتى مرافعة متقنة يلقيها محام على مسمع قاض أو هيئة من المحلفين.
الفن إذاً هو إبداع وتطوير وتغيير وإتقان، لا يمكن حصره في الإطارات التقليدية من رسم وشعر وموسيقى ونحت فقط، ولو حبسناه فيها لما كنا لنعتبر ما ينتج عن التكنولوجيا الحديثة فنا.
الفن أيضاً كما لُمح في فيلم never let me go هو ما يثبت لنا إنسانيتنا، وأننا لسنا بوحوش، فعن طريق الفن تنساب شاعريتنا وأحاسيسنا وأفكارنا، وأهم شيء تلميحاتنا لا تصريحاتنا.
أجمل ما قد يُصور الفن هو ما سمعته مرة: «الفن ليس وصفاً لما هو كائن، بل هو استشراف لما قد يكون» لهذا قرأنا عن الصواريخ قبل وجودها ولهذا شاهدنا الرحلات إلى القمر قبل حصولها. إذا كان العلم هو ما يصنع الحضارة فالفن هو ما يهذبها، فالعلم دون الفن كحديقة المدرسة الخلفية، يحتاج عشبها إلى تشذيب من أجل اللعب عليه.
في قطر، تشجع الحكومة على الفن، ومن أجل ذلك خصصت الكثير من المؤسسات والهيئات مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، والتي رعت مهرجان ترايبكا السينمائي في الدوحة لسنوات، والهيئة العامة للمتاحف التي تظلل باهتمامها متحف الفن العربي الحديث ومتحف الفن الإسلامي ومتحف قطر الوطني، والذي سيُفتتح مبناه الجديد والجميل بإذن الله عام ٢٠١٥، هذا بالإضافة إلى كلية فيرجينيا كومنولث للفنون الجميلة، وكلية UCL، والتي تقدم درجة الماجستير في تخصص المتاحف وحماية الآثار وعلم الآثار العربية والإسلامية في المدينة التعليمية. ولا أنسى الجمعيات المتعددة التي تستضيفها كتارا مدينة الثقافة والتراث، من جمعية المصورين والمهندسين إلى جمعية الشعراء، بجانب معارضها المتجددة والدائمة لفنانين قطريين وغير قطريين.
في قطر لا تضيع الفرص من الفنانين المبدعين، فإن لم يعثر عليهم الحظ، ستعثر عليهم المدارس والمعارض والشركات، وإن لم يعثروا عليهم ستعثر عليهم الصحف والوزارات، أما العثرة الوحيدة التي يمكن أن تسد طريق العثور عليهم هي عدم اتباعهم لشغفهم. هذا ما قد يقضي عليهم لا الفن، فالكتابة ليست مهنة من لا مهنة له، بل هي مهنة المغيرين والمؤثرين من الناس، والرسم ليس هواية، بل هو هوية وطريقة حياة.
هذا ما نحتاج إلى زرعه في مجتمعنا الذي نقول فيه لأبنائه كن طبيباً ولا تكن نحاتاً، كن رجل أعمال ولا تكن مخرج أفلام.
كل مهنة مهمة، والفن لا يختلف عن بقية المهن، بل إنه ما يعطيها طعمها وألوانها.


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة #العرب القطرية
المصدر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...