في بلاد الشرق حطت الأديان ومنها وُلدت الحضارات العظيمة وتكاثرت الأساطير القديمة، هذه البلاد ذات الثقافة الثرية قابلها في الجهة المعاكسة بلاد بُنيت في عصر التنوير وصُنعت على ضوء ما وصلها من الشرق، ما كان للغرب أن يصل مكانه لولا الشرق، وما كان للشرق أن يتبوأ مقعده لولا الغرب.
لا يكتب كتاب الغرب عن الشرق إلا ويذكرون الحنين إلى تاريخه وجمال روحانيته وقديم دياناته، وحرارة الإيمان الذي يحتضنه كل ركن من أركانه سواء أكان تحت منبر أو بقرب تمثال يجسد بوذا أو بجانب صليب احتضنته كنيسة.
يرانا بعض هؤلاء الكتاب وآخرون من الشرق على أننا أغنى من الغرب وأننا نملك أنفس الكنوز ألا وهي الراحة الإيمانية والنفسانية التي نشأت بعد تراكم طويل تاريخي لديانات وحضارات وروحانيات وجدت تربتها الخصبة في الشرق. يرى نفس هؤلاء الغرب، كمعمل يصنع الآلات والأدوات الجوفاء التي وإن كانت تسهل المهمات على الإنسان إلا أنها لن تفعل الشيء نفسه لروحه، فتلك مهمة ومجال الشرق.
كان ذلك رأي لوركا عندما زار نيويورك لتعلم اللغة الإنجليزية، فقضى هناك سنتين ليرجع بعد ذلك إلى بلده دون أن يتعلمها، وليخرج لنا أشعاراً نُشرت بعده في كتاب سُمي بشاعر في نيويورك. عبر فيه لوركا عن مادية الحياة في الفراغ القابع في وول ستريت وخلف زجاج ناطحاته الطويلة.
وهذا أيضاً ما ظنه ميخائيل نعيمة الذي قال: إن على الغرب اتباع الشرق لا العكس، حيث إن الشرق منبع كل شيء والغرب بني عليه، ثم صرح بأنه لو وضع الغرب في موضع أُجبر فيه على حرق كل كتبه إلا كتابا واحدا، لكان ذاك الكتاب، الكتاب المقدس.
إذاً، هل تكفي روحانية الشرق كي تصنع الشرق أو -بصيغة أخرى- كي يكون نداً للغرب؟ في الواقع روحانية الشرق لا تكفي إلا لإيجاده على خريطة اليوم، حيث إنه لولاها لكان الشرق ككيان أشبه بدولة من تلك الدول التي يسمع عنها الناس في العام، مرة واحدة.
ورغم قناعتي الراسخة بغنى الشرق بكل مكوناته التاريخية والدينية والثقافية إلا أن الغرب متقدم على الشرق بأشواط كثيرة، والمشكلة أن سبب من أسباب تقدمه هو نفس السبب الذي يعتقد البعض أنه سبب من أسباب تخلفه -أي الغرب- ألا وهو روحانية الشرق! فتاريخ العرب هو ما يبقيهم في مكانهم لتمسكهم به ورفضهم للمضي قدماً إلى المستقبل، ودين المسلمين هو ما يعيقهم أيضاً عندما يكون فكرهم متوقف عند فكرة «هم في النار وأنا في الجنة، فلينعموا بالدنيا وأنا سأنعم بالآخرة!»، وهي فكرة لا يشجعها الإسلام بالمناسبة!
هل تكفي روحانية الشرق؟ لا يمكن نكران أهميتها، فهي جزء من هوية الشرق لكنها كفت في الماضي لأنها كانت بعض الشرق لا كله، أما الآن وبعد تشبع الشرق بروحانيته ونسيانه لأهمية العلوم الأخرى التي ساعدت في بناء تاريخه، فيجب الاعتراف بعدم كفاية هذه الروحانية في الحاضر وحاجة الشرق الماسة لمادية الغرب في المستقبل.
لا يكتب كتاب الغرب عن الشرق إلا ويذكرون الحنين إلى تاريخه وجمال روحانيته وقديم دياناته، وحرارة الإيمان الذي يحتضنه كل ركن من أركانه سواء أكان تحت منبر أو بقرب تمثال يجسد بوذا أو بجانب صليب احتضنته كنيسة.
يرانا بعض هؤلاء الكتاب وآخرون من الشرق على أننا أغنى من الغرب وأننا نملك أنفس الكنوز ألا وهي الراحة الإيمانية والنفسانية التي نشأت بعد تراكم طويل تاريخي لديانات وحضارات وروحانيات وجدت تربتها الخصبة في الشرق. يرى نفس هؤلاء الغرب، كمعمل يصنع الآلات والأدوات الجوفاء التي وإن كانت تسهل المهمات على الإنسان إلا أنها لن تفعل الشيء نفسه لروحه، فتلك مهمة ومجال الشرق.
كان ذلك رأي لوركا عندما زار نيويورك لتعلم اللغة الإنجليزية، فقضى هناك سنتين ليرجع بعد ذلك إلى بلده دون أن يتعلمها، وليخرج لنا أشعاراً نُشرت بعده في كتاب سُمي بشاعر في نيويورك. عبر فيه لوركا عن مادية الحياة في الفراغ القابع في وول ستريت وخلف زجاج ناطحاته الطويلة.
وهذا أيضاً ما ظنه ميخائيل نعيمة الذي قال: إن على الغرب اتباع الشرق لا العكس، حيث إن الشرق منبع كل شيء والغرب بني عليه، ثم صرح بأنه لو وضع الغرب في موضع أُجبر فيه على حرق كل كتبه إلا كتابا واحدا، لكان ذاك الكتاب، الكتاب المقدس.
إذاً، هل تكفي روحانية الشرق كي تصنع الشرق أو -بصيغة أخرى- كي يكون نداً للغرب؟ في الواقع روحانية الشرق لا تكفي إلا لإيجاده على خريطة اليوم، حيث إنه لولاها لكان الشرق ككيان أشبه بدولة من تلك الدول التي يسمع عنها الناس في العام، مرة واحدة.
ورغم قناعتي الراسخة بغنى الشرق بكل مكوناته التاريخية والدينية والثقافية إلا أن الغرب متقدم على الشرق بأشواط كثيرة، والمشكلة أن سبب من أسباب تقدمه هو نفس السبب الذي يعتقد البعض أنه سبب من أسباب تخلفه -أي الغرب- ألا وهو روحانية الشرق! فتاريخ العرب هو ما يبقيهم في مكانهم لتمسكهم به ورفضهم للمضي قدماً إلى المستقبل، ودين المسلمين هو ما يعيقهم أيضاً عندما يكون فكرهم متوقف عند فكرة «هم في النار وأنا في الجنة، فلينعموا بالدنيا وأنا سأنعم بالآخرة!»، وهي فكرة لا يشجعها الإسلام بالمناسبة!
هل تكفي روحانية الشرق؟ لا يمكن نكران أهميتها، فهي جزء من هوية الشرق لكنها كفت في الماضي لأنها كانت بعض الشرق لا كله، أما الآن وبعد تشبع الشرق بروحانيته ونسيانه لأهمية العلوم الأخرى التي ساعدت في بناء تاريخه، فيجب الاعتراف بعدم كفاية هذه الروحانية في الحاضر وحاجة الشرق الماسة لمادية الغرب في المستقبل.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق