الجمعة، 14 مارس 2014

القيادة دون مرآة جانبية!

(قيادة مستقلة)
هنالك أناس يقودون، وهنالك أناس يقوضون. هناك أناس يستقلون، وهناك أناس يستغلون. من لا يعرف الحرف العربي حق معرفته، يستهين به، ومن يعرفه، يغير مواضعه حتى يعرض فكرته، ببراعة!
يجب على من يقود أن يكون مستقلاً ومقتنعاً بآرائه ورؤياه ومبادئه، وألا يغلق باب النقاش والشورى مع أصحاب العمر والطريق! ولا يخضع القائد تحت تأثير الضغوطات إن لم تكن في محلها، وهل تُرمى غير الشجرة المثمرة؟

(على طريق الحق)
قال الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «لا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه». قالها وهو يعلم أن هناك من قد يحيد عن طريق الصواب لفطرة إنسانية في الخلق، تكره أن يكون الإنسان معزولاً، وحيداً بلا رفيق أو حبيب وإن كان على حق!
قد يكون العزل وسيلة من وسائل الضغط التي تبررها «الغايات»، كما يرى البعض حسب القاعدة الميكافيلية، ولكن العزل أو الإبعاد في حالات أكثر، وسيلة للإبداع والتفكير والنجاح والتحرك، فالعزل -وإن اختلفت أسبابه- يجذب الانتباه والاهتمام للمعزول نفسه وللآخرين. ستيف جوبز لم ينتج أفضل اختراعاته إلا بعد طرده من شركته! وسُجن مارتن لوثر كينج أكثر من مرة، وكل مرة كان يخرج لرجال متعطشين للمساواة والحرية أكثر من السابق! مثله مثل المهاتما غاندي أو «الروح العظيمة»، كما يعني اسمه، والذي سُجن أيضاً، فقوى الحبس قناعاته ومبادئه!
طريق الحق لا يسده منافقون، ولا تجده بوصلات المكابرين. طريق الحق بيّن لمن أراد أن يجده لا أن يطلع عليه. ولا بأس بعد ذلك، إن كان طريقاً موحشاً، وبلا رفاق وأحباب، فخسارة المبادئ من أجل الآخرين، تعني خسارة الاثنين معاً!

(فوق المعاملة بالمثل)
سمعت رجلاً قبل عدة أيام، يتحدث بإصرار عن أن من يرفض معاملة الآخر بالمثل يمتنع بسبب إحساسه بالذنب! تساءلت إن كان هذا الرجل قد سمع من قبل بحكمة غاندي: «إن العين بالعين تجعل العالم كله أعمى!»؟ تم اشتقاق قاعدة المعاملة بالمثل داخل القانون الدولي وخارجه من القاعدة الذهبية في علم الأخلاق: «عامل الناس كما تحب أن تُعامل». وهناك وقت لكل فعل، سواء أكان نابعاً عن هذه القاعدة أو لا، ولا مشكلة في ذلك، المشكلة أن تكون جميع أفعالنا بسبب هذه القاعدة! عندها سيظهر لنا شخص بلا شخصية، حيث إن جميع أفعاله عبارة عن ردة فعل، والأصح أن يعمل الشخص بحسب مبادئه وقيمه وما اهتدى إليه، لا بما عُومل به وإن كان قاسياً، وهذه هي ضريبة الحكمة.

(دون مرآة جانبية!)
تخيل رجلاً أو امرأة بكل المواصفات التي ذكرتها سابقاً في هذا المقال، قائداً مستقلاً على طريق الحق عاملاً بحسب مبادئ عليا وقيم شريفة. أهناك أجمل؟ قائد كهذا أقرب إلى سائق القطار، الذي لا يحتاج إلى مرآة جانبية لينظر بها إلى الخلف. تشغل باله فقط السكة التي أمامه والمحطات المُنتظرة!


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...