في تطور لافت وسريع في أحداث السنتين الأخيرتين، تغيرت مفاهيم كثيرة، وانقلبت موازين ثقيلة، ومعظمها من أسوأ إلى أسوأ! من كان ليتصور طريق الثورة السورية العظيمة التي واجه أبناؤها النظام القاتل بصدورهم العارية؟ من كان ليظن بأن سوريا ستنقلب إلى ساحات مواجهة بين متطرفين، يتقاتلون في مواجهة بعضهم البعض، وفي أحيان كثيرة دون معرفة شخص الطرف الآخر؟!
كتبت فاطمة عبدالله في النهار عن أخيها الذي مات في سوريا بعد التحاقه بحزب الله، وتحفظت على كلمة شهيد، وغضت الطرف عن كلمة قتيل. كتبت أنه مات وحسب، ففي وسط زوبعة ما يحدث في سوريا، تاه صاحب الحق، وبعُد الحق، وتشيطن المنازع في الحق، وبقيت الاستفهامات والحسرات، وبعض من درعا وحلب.
ومن سوريا إلى مصر، الوضع ليس في تحسن، بل في تدهور، فلا الاقتصاد -هم المصريين الأكبر-انتعش، ولا الوضع الأمني استقر.
باسم يوسف، المنتقد الأشهر للرئيس السابق محمد مرسي، لم يُمنع خلال حكم الأخير عن الشاشة المصرية ولا عن التعبير عن رأيه، لم يُمنع عن ذلك إلا بعد الإطاحة بالرئيس السابق مرسي، وغيره مئات الناشطين الشباب الذين تم احتجازهم وحبسهم لاستعمالهم حقوقهم في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، ولا أقصد هنا المعتدين على غيرهم وعلى القانون، ولكني أقصد مثل أولئك ممن حُجزوا من حزب مصر القوية، لأنهم أقاموا حملة دعائية يدعون الناس إلى التصويت «بلا» في الاستفتاء على الدستور الجديد!
وكما قيل من قبل، مصر ليست كتونس، وليبيا ليست كاليمن، وما يجمع هذه الدول كلها، اضطراب الأوضاع فيها، وسواد عدم الاستقرار في نواحيها، وكلٌ يسبح في فلكه، مستغرق في التحديات التي تواجهه وتفاجئه.
وأنا أكتب هذا المقال تذكرت، مقالات سابقة كتبتها بعد الربيع العربي، الذي أصرُّ على تسميته بهذا المسمى، وإن تغيرت ملامحه، لأنه أحيا في من عايشه -وأنا منهم- أشياء كثيرة كنا نظنها ميتة، أو هكذا أتمنى! مقالاتي السابقة معظمها تفاؤل، وإن كان بها جزء أستبقيه لسرد الوقائع والتحديات، وأنظر اليوم إلى زاويتي هذه، وأقرأ مقالاً متشائماً في أكثره، ولا بأس فالأيام دول، ولا أزال أرى الضوء في نهاية النفق. أتمنى فقط أن تشاركوني البصيرة، فالإعمار في دولنا العربية مقدور عليه، وإن احتجنا لسنوات طويلة، والوعي الإنساني والحقوقي زاد، وإن انتكسنا في تعريف بعض المفاهيم المنتشرة حالياً مثل الإرهاب، وحرية التعبير. كل ما نحتاج إليه الآن هو الثقة، وقليل من التفاؤل، وبدء العمل على أهم دعامات أي دولة، الاقتصاد.
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
كتبت فاطمة عبدالله في النهار عن أخيها الذي مات في سوريا بعد التحاقه بحزب الله، وتحفظت على كلمة شهيد، وغضت الطرف عن كلمة قتيل. كتبت أنه مات وحسب، ففي وسط زوبعة ما يحدث في سوريا، تاه صاحب الحق، وبعُد الحق، وتشيطن المنازع في الحق، وبقيت الاستفهامات والحسرات، وبعض من درعا وحلب.
ومن سوريا إلى مصر، الوضع ليس في تحسن، بل في تدهور، فلا الاقتصاد -هم المصريين الأكبر-انتعش، ولا الوضع الأمني استقر.
باسم يوسف، المنتقد الأشهر للرئيس السابق محمد مرسي، لم يُمنع خلال حكم الأخير عن الشاشة المصرية ولا عن التعبير عن رأيه، لم يُمنع عن ذلك إلا بعد الإطاحة بالرئيس السابق مرسي، وغيره مئات الناشطين الشباب الذين تم احتجازهم وحبسهم لاستعمالهم حقوقهم في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، ولا أقصد هنا المعتدين على غيرهم وعلى القانون، ولكني أقصد مثل أولئك ممن حُجزوا من حزب مصر القوية، لأنهم أقاموا حملة دعائية يدعون الناس إلى التصويت «بلا» في الاستفتاء على الدستور الجديد!
وكما قيل من قبل، مصر ليست كتونس، وليبيا ليست كاليمن، وما يجمع هذه الدول كلها، اضطراب الأوضاع فيها، وسواد عدم الاستقرار في نواحيها، وكلٌ يسبح في فلكه، مستغرق في التحديات التي تواجهه وتفاجئه.
وأنا أكتب هذا المقال تذكرت، مقالات سابقة كتبتها بعد الربيع العربي، الذي أصرُّ على تسميته بهذا المسمى، وإن تغيرت ملامحه، لأنه أحيا في من عايشه -وأنا منهم- أشياء كثيرة كنا نظنها ميتة، أو هكذا أتمنى! مقالاتي السابقة معظمها تفاؤل، وإن كان بها جزء أستبقيه لسرد الوقائع والتحديات، وأنظر اليوم إلى زاويتي هذه، وأقرأ مقالاً متشائماً في أكثره، ولا بأس فالأيام دول، ولا أزال أرى الضوء في نهاية النفق. أتمنى فقط أن تشاركوني البصيرة، فالإعمار في دولنا العربية مقدور عليه، وإن احتجنا لسنوات طويلة، والوعي الإنساني والحقوقي زاد، وإن انتكسنا في تعريف بعض المفاهيم المنتشرة حالياً مثل الإرهاب، وحرية التعبير. كل ما نحتاج إليه الآن هو الثقة، وقليل من التفاؤل، وبدء العمل على أهم دعامات أي دولة، الاقتصاد.
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق