الخميس، 6 مارس 2014

القاعدة الفضية

تحكم تصرفاتنا قواعد وأسباب كثيرة، منها الديني والأخلاقي والاجتماعي وغيرها، ولأن تصرفاتنا لا تعبر في بعض الأحيان عن أخلاقنا، تحكم الأخيرة قواعد أكثر تعقيداً من تراكمات البيئة التي تحيط بالإنسان. نستطيع أن نلخص الأخلاق المثالية فيما يُسمى في علم الأخلاق بنظرية القاعدة الذهبية وهي باختصار «عامل الناس كما تحب أن تُعامل»، إلا أن هذه العبارة -التي أسس علماء الفلسفة نظرية كاملة بناء عليها- لها ثغراتها، فهي وإن كانت تحدد وتنظم علاقات الأشخاص مع بعضهم البعض، إلا أنها تغفل عن علاقة الأشخاص بما حولهم وتحتهم وفوقهم من مخلوقات وأشياء ونعم ونقم، بجانب عيوب أخرى. فلسفة المعاملة بالمثل غير مجدية مع أشياء جامدة أو مخلوقات لا تعقل أو مواقف تصيبنا من الله أو من أنفسنا.
«عامل ما حولك على أحسن ما يكون» قد تكون قاعدة صعبة التطبيق لما فيها من ضبابية، «فعلى أحسن ما يكون» مقصودة لمن؟ للشخص نفسه أم الغير؟ ومن يحدد «الأحسن» نفسه؟ هذا العبارة ذات الظاهر النقي كلها شوائب من الباطن بسبب فكرتها المثالية، فلا الأحسن يُدرَك، ولا يُدرَك معناه! ولذلك كان من الأفضل قول: «عامل ما حولك بحب!» وإن بدا ذلك على الطريقة الهيبية التي لا يرى البعض واقعيتها. ولمن سيقول الأولى أن نحب الناس لا الأشياء وغيرها، سأقول له أنا أطلب المعقول، وأكتب المعقول.
عامل مخلوقات الله من حيوانات ونباتات بحب، فإن لم تقدر على حبها احترمها، وإن البعض ليجهل أن الاحترام يتغذى من الحب.
عامل الأرض بحب، فإن لم تقدر فبنظافة تصدر منك لرفضك إلقاء قارورة أو سيجارة في الشارع، فالنظافة -كما الحب- من الإيمان.
عامل الأشياء بحب، إن لم يكن من أجلها -حيث إنها بلا أحاسيس!- فلنفسك! فعلى سبيل المثال أكدت الدراسات الحديثة -بناء على نظرية ذاكرة الماء للباحث الفرنسي في علوم الأحياء جاك بنيفيست، ونظرية الرسالة عبر الماء للدكتور الياباني «إيموتو»- أن للماء القدرة على نقل الطاقة الإيجابية والسلبية عبر جزيئاته من أي شخص كان له علاقة مباشرة بالماء الذي سيتناوله الإنسان، بمن فيهم هذا الإنسان نفسه! والعلم الحديث يقضي بأن فوائد الماء الذي سيشربه الإنسان ستكون أكبر إن كانت طاقته إيجابية، أما إن كانت سلبية، فالفوائد ستكون بدرجة أقل، فاشربوا بحب!
تعامل مع مواقف الحياة بحب، جيدها وسيئها! فالحمد والشكر لغة الحب بين الخالق والمخلوق، والصبر مفتاح الحب الذي يضيعه الكثير!
عامل ما حولك بحب، واترك ما دون ذلك للآخرين، فالحب عدوى في ثوب إحساس، ما إن يلمسك حتى يلمس غيرك!


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...