الخميس، 27 فبراير 2014

عن مشاعركم.. أتحدث!

(١)
قرأت مرة قولاً معناه: «إذا أحببت فأعلن عن حبك، وإن اشتقت فأخبر عن مشاعرك، وإذا افتقدت شخصاً فتواصل معه، وإن تضايقت فعاتب!». كاتب هذه العبارة يصر على فعل «اعمل!» وعمل «افعل!»، لئلا يقف الناس في زاوية سلبية بلا تعبير، وكأنهم بلا أفواه ولا آذان ولا عيون! لا يعرفون بأن مكالمتهم الهاتفية لصديق أبعدته الأيام هي لهم، قبل أن تكون له، وأن عتابهم لم يكن ليكون إلا لحبيب قريب لا لزميل بعيد، ولذلك هو مسموح بل ومحبب في هذه الحالات. فما الذي يمنعهم؟

(٢)
ينسى الناس كثيراً في مجتمعاتنا العربية أن يعبروا عن مشاعرهم، والغريب أنهم يعبرون عن مشاعرهم السلبية كالغضب والحسد أكثر من الإيجابية كالمحبة والشوق، والكثير يستحي أيضاً من إظهار هذه الأحاسيس، بل ويعمل في بعض الأحيان على إخفائها بشكل محكم لئلا يبين عليه شوق أو محبة، فيكبر الرجل عندنا ليقول لحبيبته قبل أمه، كلمة «أحبكِ».
يجدر بنا أن نعترف أن المجتمعات التي لا يعبر أفرادها عن عواطفهم بصراحة، هي مجتمعات عليلة، لأنها تورث النقص العاطفي في أفرادها للأجيال القادمة، الذي قد يكون منهم من يعي حب عائلته له، لكنه يحتاج إلى سماع كلمة أو أكثر كل حين وآخر، كما يحتاج الزهر في كل عام إلى الربيع.
ولا أستغرب من مجتمعات «الرجال لا يبكون!» و»عيب للمرأة أن تبتسم في ليلة عرسها!» أن تتذيل قائمة دول العالم في مؤشر السعادة! فكيف لها أن تتقدم في مؤشر كهذا وأفرادها لا يعبرون عن مشاعرهم ابتداء، بما فيها السعادة نفسها في بعض الأحيان!

(٣)
تقول لي صديقتي: «توفي أبي قبل أن أقول له بأني أحبه»، فلم يسمع منها سوى طلباتها، وحتى في هذه تتساءل: هل كان شكري لتلبيته طلباتي عرفاناً وحباً أم تعبيراً تلقائياً لما اعتبرته حقاً من حقوقي؟ سؤال كهذا ستظل تسأله طوال عمرها، والسبب الذي منعها من البوح بمشاعرها، خجلاً كان أم نسياناً أم تأجيلاً، لا يزال يسكن تفكيرها. 
عبروا عن مشاعركم كي تستطيعوا أن تعبروا عن أنفسكم، وعبروا عن أنفسكم إن كان في ذلك طريقة للتعبير عن مشاعركم، لأنفس نظيفة ولمجتمعات صحية تنمو بشكل صحيح بلا أمراض نفسية.


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...