الخميس، 27 مارس 2014

و أنت.. ماذا تقرأ؟

(1)
خلال العشرين سنة الأخيرة وبعد انتقال مفهوم الغذاء كأسلوب حياة من الشرق إلى الغرب ومنهم إلينا، انتشرت مقولة «قل لي ما تأكل، أقل لك من أنت!» في إشارة إلى ارتباط صفات الإنسان بخصائص الطعام الذي يزود بدنه به. وعلى الرغم من وجود شيء من الصحة في العبارة السابقة، إلا أنه يوجد ما هو أهم منها، ألا وهي مقولة «قل لي ما تقرأ، أقل لك من أنت!»، فإن كانت الأولى تحدد الصفات، فالثانية تبين طريقة التفكير والوعي واتجاهات الإنسان في الميادين التي يقرأ فيها والتي لا يقرأ فيها!

(٢)
يقرأ الروايات وكتب الشعر، كُتاب الرواية والشعراء ومن يتوق للعيش في عالم مختلف.
يقرأ كتب تنمية الذات الناجحون إن كانوا يقرنون قراءة هذه الكتب مع كتب أخرى، ككتب الأعمال والتجارة أو الفن أو غيره.
يقرأ قصص الأطفال الآباء والأمهات، وعمالقة الأدب والخيال.
يقرأ المجلات في زمننا هذا ربات المنازل، والمنتظرون في عيادات طب الأسنان، أما الصحف فيقرؤها من يملك ترف الوقت!
يقرأ كتب التاريخ الكثير من المشتاقين للزمن الجميل، وبعض ممن يعتقد بأن التاريخ يعيد نفسه، وقليل من المتفائلين!
يقرأ الأدباء وعلماء النفس كتب الفلسفة، لأن أحدهما لا يستطيع الاستغناء عن الآخر. فكل أديب متفلسف وكل عالم نفس فيلسوف، وكل فيلسوف أديب في علم النفس!
لم يبق سوى الباحث السياسي ليقرأ الكتب السياسية، أما البقية فتنتظر تحليلات الأحداث السياسية المجهزة على قنوات الأخبار لتغذي بها نهمها، نظراً لتسارع وتيرة الأحداث السياسية في المنطقة العربية والإسلامية ككل.
يقرأ ملصقات الطرق الحالمون والمسافرون والتائهون!
يقرأ رسائل «الواتس أب» ساكنو الليل والمغتربون!
يقرأ المثقف جزءاً من كل ما سبق، ويكتفي «شبه» المثقف بقراءة المقالات الصحافية اليومية المتنوعة!
يقرأ كتب علم الفضاء العلماء الفاضلون، أو الفضوليون ذوو الخيال الواسع، وما أبعد ما يكون عنهم ذاك الذي يقرأ في كواكب تحاول استشراف مستقبله وحظه، فيضيع وقته وجهده!

(٣)
تكاد القراءة أن تكون رسالة، يجب صونها والمحافظة عليها، وهي خارطة طريق لأي شخص يزاولها، ترشده إلى مستقبله. كما أنها بطاقة تعريف تُهدى بقصد وبدون قصد إلى الآخرين، فاكتبوا ما يشرفكم عليها! ولا أستغرب إن جاء يوم كان أول سؤال يُسأل به طالب الوظيفة في مقابلة للعمل: «ماذا تقرأ؟ ولمن تحب أن تقرأ؟!».


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...