قد تكون تلك اللحظات التي يجلس فيها المرء ليتفكر في حياته، فيما عمله وفيما وصل إليه من أجمل اللحظات أو أسوئها، تكون جميلة عندما يكون قد حقق معظم أهدافه وهو في طريقه لتحقيق المزيد، وتكون سيئة عندما يكون قد خسر كل شيء للتو. أياً كان توقيتها، مراجعة المرء لنفسه وللتغيرات التي حصلت في حياته أمر مهم حتى لو كان ذلك في أحلك الأوقات، لأن هذه المراجعة قد ترجعه على ظهر الحصان مرة أخرى لينطلق في الاتجاه الصحيح، وقد تكون مجرد ترتيب حسابات وأولويات وتغيير لديكور الحياة.
بالنسبة لي، كانت هناك مراحل ورحل متعددة في حياتي، فمرة كانت هنالك مرحلة الإبحار في بحور هوليوود وبوليوود، ومرة كانت رحلة الغرق في محيطات الكتب حتى رجعت إلى الحياة بطوق الكتابة. هذه مراحل سابقة انغمست فيها بالشيء الذي استهواني، سواء أكان فيلماً أو كتابة أو قلماً على ورقة، ولكن هذا لا يعني أنها أشياء لم يصبح لها نصيب في حياتي اليومية الحالية، بل على العكس، ولكن ليس بنفس الإصرار أو الهوى، فالآن بعد مراجعتي لنفسي، أرى أني أُقبل على مرحلة جديدة أرغب فيها بالسفر وتجربة الرياضات المختلفة وتعلم أشياء جديدة كلغة رابعة أو مهارة ما، وهذه الفكرة والإرادة في التغيير بعد التخطيط لمرحلة جديدة وقادمة، تحفز الشخص على أن يفعل ما كان قد صمم عليه، وبالتالي الإنجاز لأنه عرف ثماراً سابقة، وخطط لحدائق جديدة.
تقسيم الحياة لمراحل ورحلات ليس بالأمر الصعب ولا غير المجرب، فالكاتب الإماراتي ياسر حارب كتب مرة أنه في أكثر من فترة في حياته كان قد توقف وقال هذه السنة ستكون للكتابة وتلك ستكون للفلسفة، وقبله الشاعر السوري الكبير نزار قباني الذي عاش طفولته هاوياً للرسم، ومن بعدها عاشقاً للموسيقى حتى وصل إلى بحور الشعر المتلاطمة.
أن تعرف أين أنت ومتى ستصل هو شيء، ولكن أن تفهم حياتك ومراحلها وتخطط لها أولاً بأول هو كل شيء.
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية