الخميس، 4 سبتمبر 2014

مجموعة الدعم: الخيار الغائب



مجموعة الدعم: الخيار الغائب


نقول عن الشخص الواحد فرد، و الإثنان فأكثر مجموعة أو فريق، أحياناً يظهر تميز الفرد في أي مجال بسبب بقائه لوحده، و أحياناً لا يمكن تبين إبداعه إلا عبر مجموعة تستفزه و تتناقش معه و تحثه على البحث و التفكير كما يظهر ذلك و بشكل جلي خلال العصف الذهني الذي تقوم به أي مجموعة.
من الناحية المهنية و رغم توجه الشركات و خاصة التجارية منها إلى تقسيم العمل إلى مجموعات إلا أنه في الحقيقة لا تفاضل بين الفئتين، فئة الشخص الواحد الذي يقوم بعمله بنفسه بغير فريق يتحاور معه في كل خطوة، و فئة الفريق الذي يتقدم إلي الأمام ككل أو يتراجع مع جميع منتسبيه إلى الخلف، فالفريق قد يحمله شخص واحد في معظم الأوقات و شخص واحد قد يقوم بعمل أفضل مما تقوم به عشر مجموعات مجتمعة، و لكن من الناحية العلاجية أو الصحية سواء كانت صحة الجسد أو النفس أو الروح، العلاج أو الدعم عبر المجاميع أفضل من علاج الشخص الواحد لنفسه و بنفسه.
في مجموعة الدعم يعبر الشخص عن نفسه لأناس يفهمون ما يعانيه، فيروي قصصاً تشبه قصصهم و أخطاء تشبه أخطائهم و يشعر بحزن و ندم يشبه حزنهم و ندمهم. لا أحد منهم يشعر بالشفقة على الآخر لأنهم يشعرون بطريقة أو بأخرى بأنهم مثل بعضهم البعض، فقد يشعر الطبيب بالشفقة على مريض الإيدز، و قد يشعر الممرض بالشفقة على ساكن المصحة الذي يعود مرة بعد الأخرى ليخلص جسمه من سموم المخدرات، و لكن لا يشعر أفراد المجموعة الواحدة بهذا الإحساس في معظم الحالات تجاه بعضهم البعض.
في المجموعة يتلقى الفرد المؤازرة و الدعم من بقية الأعضاء و يقبل على صداقات عهد جديد لا تشده إلى ظلام الماضي بل تدفعه نحو نور المستقبل، و رغم أن البعض يظن هذه الصداقات وقتية و محددة بشفاء المنضم إلى المجموعة إلا أنها في الواقع حقيقية و تأثيرها أبدي غير معلق على الشفاء أو الإستمرار في العلاج لأن مكونها صلب و يتعلق بالقواسم المشتركة بين الأطراف، و أي قاسم مشترك أقوى من اكتئاب أو انفصام في الشخصية أو سرطان أو إدمان على الكحول؟
لدى الغرب مجموعات دعم لكثير من الأمراض العقلية و الجسدية و النفسية و عدد كبير منها أيضاً لأنواع متعددة من الإدمان بل و قد يوجد منها لغير المرضى مثل المجموعات المخصصة لدعم عوائل و زوجات المرضى و التي يجتمعون فيها لعدم بعض و دعم المرضى في عوائلهم و تحسين معاملتهم لهم و معرفة التجارب الأخرى في ذلك السبيل.
في عالمنا العربي تقل أعداد هذه المجموعات بحيث لا تبان إلا في المستشفيات الممتازة التي تعرف أهمية هذه الطريقة في الدعم بل و أكثر في العلاج، قد يرجع السبب في ذلك إلى أن البعض يفضل خصوصية مرضه على الشفاء منه أو أنه يرى في ذلك فضيحة له أو أنه بلا فائدة ترجى أي أنه يعتمد على الأساليب القديمة في العلاج المتمثلة في دواء و نصيحة طبيب.
أياً كان السبب في عدم انتشار مجموعات الدعم في العالم العربي و عدم تبني المستشفيات هذه الطريقة أو حتى عدم قيام الأفراد أنفسهم في المجتمع بتكوين هذه المجموعات إلا أن المجازفة و تجربة الشيء خير ألف مرة من خلق التكهنات و الإفتراضات بشأنه.

صحيفة العرب القطرية
جواهر بنت محمد آل ثاني




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...