الخميس، 4 سبتمبر 2014

من أساء لمن؟



من أساء لمن؟


((ت)
تخيل أنك تعيش في قرية احترقت أقرب مدرسة لها، و كنت بالإضافة إلى الآباء في قريتان مجاورتان تستعملون القوارب الخشبية للوصول إليها مع أبنائكم. تخيل ثم أخبرني عن مشاعرك لو زارتك مجموعة شباب و بنات يُعلمونك بأنهم سيتسلقون أعلى جبل في بلدك كي يستطيعون بناء المدرسة من جديد لتتسع لطلاب أكثر بالإضافة إلى بناء مركز في مدينتك لتقيم فيه احتفالاتك و تجذب به السياح لقريتك ذو الإمكانيات المتواضعة.
هل تخيلت؟ هل تخيلت فرحة الآباء و الأمهات بإتاحة فرصة التعليم لأبنائهم و بناتهم؟ هل تخيلت فرحة الشاب الذي خطط لإقامة عرسه في مركز القرية المُراد بنائه؟ هل تخيلت كم وظيفة سيتم توفيرها و كم حياة ستتغير بسبب ذلك؟
و الآن تخيل معي، أن تعود إليك مجموعة الشباب و البنات ليخبرونك بأنهم لن يتسلقوا الجبل، و أنهم لن يستطيعوا بناء المدرسة و لا المركز في قريتك. قالوا لك هذا ثم غادروا بعد أن منحوك بصيص أمل و نور.
قل لي، هل تتذكر ملابسهم أو هيئتهم؟ هل ستهتم بتذكرها أم ستتذكر الدين الذي يتبعونه و البلد التي أتوا منها؟

(أ)
بسبب وسم في تويتر تم إلغاء رحلة خيرية، كان المشاركون فيها شباب من الجنسين. تم التأثير على الشركة الراعية حتى ألغت دعمها للرحلة قبل إنتهائها و تركت الأمور كلها للشركة المنظمة. إدعى أصحاب الأصوات العالية أن في الرحلة إساءة لقطر و لبنات قطر خاصة، لأن الرحلة تضم بنات و لأن بعضهن لا يلبسن العباءة و لا الحجاب، و أنا أرى بأن إلغاء الرحلة هو أكبر إساءة لكعبة المضيوم التي تقدم الدعم و التبرعات لكل محتاج، و أكبر إساءة للدين الإسلامي الذي يحتمي البعض في الوسم به، لأن الدين ينظر إلى منفعة الناس أولاً و إفادتهم و يُعلي الخير و إن كان قليلاً إن كان به فائدة للناس على الشر الذي قد يصيب الشخص به نفسه إن كان لا يضر به أحداً آخر.

(م)
الرحلة الخيرية لم تتم إلا بموافقة أهالي المشاركين بها، و هي موثقة بالكاميرا و بوسائل التواصل الإجتماعي-أو كانت على الأقل قبل إلغاء الدعم-و ما كنا نراه من تعامل محترم بين المشاركين هو ما كان على أرض الواقع كائن تماماً، فما خطب سفر هذه المجموعة من الشباب معاً، أم نسيتم التاريخ الإسلامي بكل قوافله و غزواته؟ أما بالنسبة لحجاب البنات و العباءة، فالثانية وليدة عادات و تقاليد، و الأولى واجب و حق إسلامي على كل مسلم و هو بالمعنى الواسع اللباس الساتر، و مع ذلك إظهار المسلمة لشعرها لا يُجردها من دينها و عفتها، و عدم لبس الفتاة لعباءة لا يسلبها جنسيتها و وطنيتها.

(ل)
كتب الله على مرتكبي جريمة السب و القذف عقاباً يأتيهم في الدنيا قبل الآخرة، و جعل الله مسألة الحجاب و تركه و السفر دون محرم-رغم وجود من يجادل فقهياً حول إلزامهما-بينه و بين خلقه في الآخرة، فتأمل..

صحيفة العرب القطرية
جواهر بنت محمد آل ثاني







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...