تخصصي في القانون يجعلني أحلل كل كلمة، وكل «أل» شمسية وقمرية، وكل آل يبدأ فيها الاسم وغير الاسم، وكون الكتابة جزءاً من هويتي التي أعرف نفسي بها ويفهمني غيري عبرها، تزيد عملية التحليل بي، وأرجو ألا يكون ذلك مملاً لمن يقرأ ويحاول على الأقل أن يعبر إلى ما قبل آخر كلمة أنهي بها مقالي، لأنها ستأخذه عنوة إلى الكلمة الأخيرة.
ما سأدلي به اعترافات لأني سأدلقها من وعاء «قلبي القارئ» قبل أن يكون «كاتباً»، ولأن التشدد في اختيار الكلمات والأفكار عند البدء بالكتابة يتحول مع الوقت إلى علاقة احترام تجاه القلم والورق، فتتكسر بعض الحواجز، ويبقى بعضها الآخر، وما سأقوله هي سيول تعدت عدداً من هذه الحواجز.
إذاً فهذه اعترافات كاتب أسبوعي لا يكتب يومياً بل مرة أو مرتين أو أكثر بقليل في الأسبوع، ودائماً بعقل مليء قبل أن يتوافر الحبر، وإلا فلا حبر ولا مقال، وهذا أول اعترافاتي.
أعترف أيضاً، بأني أعامل نفسي بيني وبيني كقارئ ومتلق، وسأظل أقرأ عن الكتابة وأصولها كأي علم أو فن آخر ولو بعد ثلاثين عاماً، لأن الإنسان أياً كان عمله كتلة متغيرة، وأن نختار كيفية تغيرنا أفضل من أن نُجبر عليه.
أعترف أني عندما أكتب أكثر من مقال في أسبوع واحد أقرر أن أترك أحدها أو بعضها بحسب الحال لأيام أخرى على طريقة مقالك الأبيض ليومك الأسود، أي الأسبوع الذي لا يزورني فيه الإلهام على شكل أغنية أو فيلم أو شخص أو نقاش عقيم أو عبارة ترويجية لمنتج لن أشتريه أبداً أو أي شيء آخر، ولكن عندما يأتي ذاك الأسبوع المشؤوم أحبط وأشعر بأني مزيفة، فلا أرسل المقال القديم وأشرع في كتابة مقال في نفس يوم التسليم، كيلا أشعر بزيفي أمام نفسي قبل من يقرؤني. أنتهي من المقال الجديد فأشعر بتعب شديد، ولكنه أهون من شعوري بالزيف، فالزيف مقبرة المبدع وإن كانت ذات زينة، ولو رجعنا لتاريخ الكتاب العظماء لرأيناهم يحكون عن تجاربهم وعلاقاتهم ومشاكلهم ونجاحاتهم، وكان ذلك فعلاً ما صنعهم، أي حقيقتهم التي بهرجت النفس الإنسانية التواقة إلى الفن والإبداع.
أعترف بأنني لا أكتب دوماً ما أعنيه بشكل واضح، وهذا في محاولة مني لإثارة القارئ الذي قد يفهم أكثر من فكرة يكرهها جميعها أو يحبها كلها أو يتقلب بينها، كما يتسلق القارئ نزولاً أبيات قصيدة. أعترف بذلك إلا أنني أكتب دائماً ما أؤمن به وإن كان مختلفاً أو مخجلاً أو غير متوقع لأنها الحقيقة دائماً، والحقيقة أمّ كل شيء إلا أنها ابنة الكاتب الذي يجب عليه ألا يتخلى عنها، فيهذبها ويخرجها في أحلى صورة، صورتها التي يعرفها الله بها.
أعترف بأن الوصول في الكتابة يعني عدم الوصول، فلا يسهل شيء مع الوقت إلا اعتياد الكتابة كما يعتاد الطبيب السماعة التي يضعها حول رقبته، ويبقى ما عدا ذلك صعباً، كالتشخيص وسؤال المريض ووصف العلاج، فمرة يسهل اختيار عنوان المقال، ومرة يصعب إيجاد مضمون يشد القارئ، ومرة يخرج الاثنان بولادة عسيرة، ومرات محظوظات ينزل الاثنان كسيل جارف يعرف من أين يخرج وأين يتوقف.
إن شعرتم بأن الاعتراف لمن لا يعرفونكم شخصياً سهل، ستتأكدون بأنني كتبت مقالي هذا في ساعة، وإن ظننتم بأنه صعب ستعرفون بأنني استغرقت أكثر من يومين وترددت أيضاً عند تسليم المقال، ولكنني ككل كاتب أسبوعي، فاتني الوقت ولم أرد أن أخدعكم ولا أن أخرج لكم خالية الوفاض.
ما سأدلي به اعترافات لأني سأدلقها من وعاء «قلبي القارئ» قبل أن يكون «كاتباً»، ولأن التشدد في اختيار الكلمات والأفكار عند البدء بالكتابة يتحول مع الوقت إلى علاقة احترام تجاه القلم والورق، فتتكسر بعض الحواجز، ويبقى بعضها الآخر، وما سأقوله هي سيول تعدت عدداً من هذه الحواجز.
إذاً فهذه اعترافات كاتب أسبوعي لا يكتب يومياً بل مرة أو مرتين أو أكثر بقليل في الأسبوع، ودائماً بعقل مليء قبل أن يتوافر الحبر، وإلا فلا حبر ولا مقال، وهذا أول اعترافاتي.
أعترف أيضاً، بأني أعامل نفسي بيني وبيني كقارئ ومتلق، وسأظل أقرأ عن الكتابة وأصولها كأي علم أو فن آخر ولو بعد ثلاثين عاماً، لأن الإنسان أياً كان عمله كتلة متغيرة، وأن نختار كيفية تغيرنا أفضل من أن نُجبر عليه.
أعترف أني عندما أكتب أكثر من مقال في أسبوع واحد أقرر أن أترك أحدها أو بعضها بحسب الحال لأيام أخرى على طريقة مقالك الأبيض ليومك الأسود، أي الأسبوع الذي لا يزورني فيه الإلهام على شكل أغنية أو فيلم أو شخص أو نقاش عقيم أو عبارة ترويجية لمنتج لن أشتريه أبداً أو أي شيء آخر، ولكن عندما يأتي ذاك الأسبوع المشؤوم أحبط وأشعر بأني مزيفة، فلا أرسل المقال القديم وأشرع في كتابة مقال في نفس يوم التسليم، كيلا أشعر بزيفي أمام نفسي قبل من يقرؤني. أنتهي من المقال الجديد فأشعر بتعب شديد، ولكنه أهون من شعوري بالزيف، فالزيف مقبرة المبدع وإن كانت ذات زينة، ولو رجعنا لتاريخ الكتاب العظماء لرأيناهم يحكون عن تجاربهم وعلاقاتهم ومشاكلهم ونجاحاتهم، وكان ذلك فعلاً ما صنعهم، أي حقيقتهم التي بهرجت النفس الإنسانية التواقة إلى الفن والإبداع.
أعترف بأنني لا أكتب دوماً ما أعنيه بشكل واضح، وهذا في محاولة مني لإثارة القارئ الذي قد يفهم أكثر من فكرة يكرهها جميعها أو يحبها كلها أو يتقلب بينها، كما يتسلق القارئ نزولاً أبيات قصيدة. أعترف بذلك إلا أنني أكتب دائماً ما أؤمن به وإن كان مختلفاً أو مخجلاً أو غير متوقع لأنها الحقيقة دائماً، والحقيقة أمّ كل شيء إلا أنها ابنة الكاتب الذي يجب عليه ألا يتخلى عنها، فيهذبها ويخرجها في أحلى صورة، صورتها التي يعرفها الله بها.
أعترف بأن الوصول في الكتابة يعني عدم الوصول، فلا يسهل شيء مع الوقت إلا اعتياد الكتابة كما يعتاد الطبيب السماعة التي يضعها حول رقبته، ويبقى ما عدا ذلك صعباً، كالتشخيص وسؤال المريض ووصف العلاج، فمرة يسهل اختيار عنوان المقال، ومرة يصعب إيجاد مضمون يشد القارئ، ومرة يخرج الاثنان بولادة عسيرة، ومرات محظوظات ينزل الاثنان كسيل جارف يعرف من أين يخرج وأين يتوقف.
إن شعرتم بأن الاعتراف لمن لا يعرفونكم شخصياً سهل، ستتأكدون بأنني كتبت مقالي هذا في ساعة، وإن ظننتم بأنه صعب ستعرفون بأنني استغرقت أكثر من يومين وترددت أيضاً عند تسليم المقال، ولكنني ككل كاتب أسبوعي، فاتني الوقت ولم أرد أن أخدعكم ولا أن أخرج لكم خالية الوفاض.
جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق