الجمعة، 19 فبراير 2016

ما الذي نفعله الآن؟

بدأ حديث صاحبتي بإشارة إلى عدم مشاهدتي لما ترسله لي من صور ومقاطع فيديو في سناب شات. أخبرتها بأني لم أعد أفتح التطبيق يومياً لكثرة انشغالي وامتلاء وقت الفراغ حتى الوقت المتاح في النافذة البسيطة المفتوحة قبل النوم.
وافقتني صديقتي على أن الوقت يجب أن يكون صديق من يستعمل التطبيقات الإلكترونية خاصة أنها تسلب الساعات من بين أيدينا دون شعورنا، في إسراف واستهلاك غير صحي للوقت ولأنفسنا.
نعم، هناك استهلاك صحي لحياة الإنسان ووقته، وكلمة: «أنا حر في كيفية قضاء وقتي» لا تغطي حقيقة الوضع وكونه «قضاء على الوقت».
حتى التطبيقات الإلكترونية لها استعمالات صحيحة وصحية اعتماداً على أهم أنواع القياس، المنطق! فالأكيد أن تصوير الفرد لجميع أوجه حياته في تطبيق كسناب شات أو إنستجرام وهو لا يملك سوى بضعة أو عشرات المتابعين أو مراجعة الشخص لجهازه الجوال كل دقيقتين رغم عدم انتظاره لإيميل أو مكالمة مهمة، غير مشمولين في الاستعمالات الصحيحة.
وفي المقابل نجد من يتعامل مع ما يحويه هاتفه النقال ككماليات «استعمال» لا ضروريات «استهلاك». فلا يفتحه إلا عند الضرورة أو وقت الفراغ، وعندما يفعل ذلك يرى ما يحتاجه من إنستجرام، ويمر على سناب شات مرور الكرام، ويعامل محدثيه على الواتس أب وكأنهم مراسليه على البريد الإلكتروني.. يجاوبهم لمرة أو مرتين على الأكثر يومياً برد شاف وواف.
لمن سيدفعون بالاستحالة، أرد عليهم بتغريدة كتبتها مؤخراً: «هل تعرف ما الفومو» FOMO»؟ احذر! قد تكون مصاباً به!».. الفومو «Fear of missing out» هو الخوف من أن يفوت الإنسان شيء من الأحداث أو الصور أو مقاطع الفيديو المحلية أو العالمية. وهي حالة -قد تصل مرحلة المرض- رأيناها حولنا أو شعرنا بها في كثير من الأوقات، فنحن والجميع نريد مشاهدة فيديو الساعة أو صورة اليوم أو معرفة ما يحدث أولاً بأول وكأن معرفتنا له ستغير شيئاً ما!.
قد لا يقتنع البعض بردي مضيفاً بأن: مراجعة الهاتف النقال يكون للحالات الطارئة أو لرسائل العمل أو الأخرى المهمة. أقول لهؤلاء: «أنتم وأنا سنستخدم المكالمات الهاتفية «التقليدية» في الحالات الطارئة أما وبالنسبة للرسائل المهمة، فتغيير نغمة الرسائل الواصلة من رئيس العمل أو المدير كفيلة بحل معضلة التفاف الرقبة على الجوال مع كل رنة تزف رسالة قادمة».
في هذا الوقت الذي وصلنا فيه إلى هذه المرحلة من الالتصاق بالأجهزة الإلكترونية الناهبة لجزيئات عظيمة من وقتنا، أتساءل عن المستقبل والسنين القادمة والتي يتنبأ فيها العلماء بشرائح شبيهة بشرائح الجوال الإلكترونية، تُزرع في أجسادنا لتقوم مقام الهواتف النقالة. فإذا أردنا أن نخاطب أحدهم ما علينا سوى التفكير بذلك، وكل ما نراه في حياتنا اليومية، نستطيع رؤيته مرة أخرى نهاية اليوم، لاختيار صورة أو مقطع فيديو «عشناه» لنضعه «عن طريق التفكير» في تطبيق ما، وكل ذلك «لنعيش اللحظة».
هل سنعيش اللحظة وقتها؟ وما الذي نفعله الآن؟.


جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...