الجمعة، 12 أغسطس 2016

ماذا عن الفن؟

ماذا نعرف عن الفن؟ وهل نعرفه حقاً؟ هل نفهمه ونعيه؟ هل نعطيه قيمته الحقيقية؟ وهل الفن الحقيقي هو ما لا يُشترى أو ما يُشترى بملايين الدولارات؟ وهل هذا هو المعيار الرئيس أو الوحيد؟
إذا كنت تظن بأنك تملك أجوبة فنانة، فهنيئاً لك. والآن، اسمع ما سأرويه إليك.
قام أحد الشباب بتجربة في متحف في سان فرانسيسكو، ترك فيها نظارته على الأرض في زاوية من الزوايا، وابتعد ليرى ردود فعل الناس. المدهش أن مرتادي المتحف ابتعدوا عن النظارة وأعطوها وضعية العمل الفني، التي يأتي بعدها التأمل ومحاولة الفهم. لم يكن ما قام به الشاب، فخ لهؤلاء الفاحصين، ولكنه فعل ذلك بعدما شاهد في المتحف عملا فنيا جعله يتساءل فيما إذا كان يمكن لعمل كذلك أن يثير إعجاب أي شخص في المكان.
وفي متحف آخر في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية، قامت سيدة عجوز بإخراج قلمها من حقيبتها لتملأ فراغات لغز الكلمات المتقاطعة، ظناً منها أنها لعبة، لتعرف بعد ذلك من موظفي المتحف بأنه عمل فني يساوي أكثر من 60 ألف إسترليني.
هل يمكن لأي أحد منا أن يتأكد أنه لن يكون يوماً ما مكان العجوز أو المنبهرين بالنظارة في سان فرانسيسكو؟ وإذا لم نستطع الجزم بذلك فكيف سنجاوب على الأسئلة التي طرحتها في بداية المقالة؟
ما هو الفن؟
في معرض «ماذا عن الفن؟» الذي أُغلقت أبوابه الشهر الماضي في قطر، وتحديداً في الصالة رقم 3 من المعرض، تم تركيب ألعاب تفاعلية للصيني جينوفا تشين. عبر أحد الألعاب يقوم اللاعب باستخدام قطعة اليد لتحريك ما يشبه الريشة عبر الجبال والغابات مع موسيقا جبارة تصاحب الريشة والمناظر الخلابة. وأنا أحرك الريشة، شعرت براحة وسكينة من يجول في حديقة مونيه، وبحرية من يتنقل من مكان لآخر بسبب لعبة بوكيمون قو.
الفن هو بداخلنا، كل منا يقيمه بحسب نظرته للحياة ومن نظارة بيئته، هو ما يحرك فينا مشاعر لم نظنها فينا أو أحاسيس لم ننتبه بأنها سكنت منذ مدة طويلة، الفن خاصة الحديث «يمكن أن يكون نكتة في بعض الأوقات، لكنه الطريقة للتعبير عن إبداعنا الشخصي» كما قال خاياتان صاحب النظارة. وإن كان نكتة فهو كذلك للبعض، وإن كان كتاباً مقدساً فهو كذلك للبعض، لا يرى الكل في لوحات فان غوغ ما يرونه في جرافيتي شوارع ريو دي جانيرو. ولا يرى الجميع الفن في هذه المقالة، بل قد يتساءلون أكثر بعد سؤال: ماذا عن الفن؟ قائلين: أي فن؟


جواهر محمد عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...