لو طلبتُ من مواطن عربي إعطائي وصفاً معيناً لآرائه وتوجهاته السياسية، لضعت أنا وهو في دوامات أفكاره دون أن نصل لوجهة توجهاته!
يصعب على الكثير من العرب تحديد ميولهم السياسية حتى في وقتنا المتقدم هذا، وذلك لأسباب كثيرة أهمها غياب حرية التعبير والحرية السياسية والعوامل الاجتماعية والثقافية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية. الكثير لا يعرفون ماذا يريدون من سياسييهم، أو إذا ما كانوا يريدون أن يكونوا هم أنفسهم سياسيين، ورجال حل وعقد في البلاد، فالسياسيون وإن كانوا ذوي سمعة سيئة في جميع أنحاء العالم، فهم في الوطن العربي تسوء سمعتهم أكثر وأكثر. ترتبط السياسة والسياسيون في البلدان العربية بالخطوط الحمراء (تابو)، فيكون الكلام عنهما في حدود معينة في الإعلام كالحديث حول الجنس والعنصرية والتشدد الديني، وغيرها من المواضيع الشائكة اجتماعياً في المنطقة.
يكبر العربي بلا هوية سياسية واضحة يعرف نفسه بها، مما يدفع البعض إلى ربط أنفسهم بمصطلحات لا يعرفون معناها بشكل تام. فهناك من يقول إنه يؤمن بالديمقراطية، وهو لا يستطيع أن يفرق بين النظام السياسي في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا. وهناك من يقول إنه ليبرالي وهو لا يعرف أصلاً بأن لها شِقاً اقتصادياً بجانب شقها السياسي. هذا الجهل أو التجاهل الفكري لموضوع مهم كالتوجهات السياسية، له آثاره السلبية، فالجهل يولد العصبية والعنصرية وعدم تقبل المختلف. هذا الجهل والتجاهل هو ما جعل الأجيال السابقة من العرب تدعم القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تدعم وتكيّف وتسبب مواقف القادة العرب المختلفة، كل بحسب قوته وتأثيره.
هذا التجاهل هو ما سيولد أجيالاً جديدة قد يمتد جهلها إلى العجز عن الوقوف في وجه الإرهاب وأفكاره، لأنها لا تعرف موقفها من كل ما يجري حولها في العالم وفي موطنها.
يظن الكثير بأنه ليس بلازم بأن يكون للشخص رأي أو موقف، أو أن ينتمي إلى تيار أو اتجاه سياسي معين، والحقيقة بأنه ليس بلازم فعلاً الانتماء إلى تيار أو حزب سياسي، ولكن امتلاك الشخص رأياً سياسياً واجب عليه وحق على الأشخاص المرتبطين به. لا يجب عليه أن يعرف وصفاً محدداً لأفكاره وقناعاته، ولكن يجب عليه على الأقل أن يعرف ماذا يريد للعالم ودولته وللأفراد الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم. رفض الشخص امتلاك رأي سياسي معين هو رأي سياسي بحد ذاته. وهذا أقل المطلوب.
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
يصعب على الكثير من العرب تحديد ميولهم السياسية حتى في وقتنا المتقدم هذا، وذلك لأسباب كثيرة أهمها غياب حرية التعبير والحرية السياسية والعوامل الاجتماعية والثقافية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية. الكثير لا يعرفون ماذا يريدون من سياسييهم، أو إذا ما كانوا يريدون أن يكونوا هم أنفسهم سياسيين، ورجال حل وعقد في البلاد، فالسياسيون وإن كانوا ذوي سمعة سيئة في جميع أنحاء العالم، فهم في الوطن العربي تسوء سمعتهم أكثر وأكثر. ترتبط السياسة والسياسيون في البلدان العربية بالخطوط الحمراء (تابو)، فيكون الكلام عنهما في حدود معينة في الإعلام كالحديث حول الجنس والعنصرية والتشدد الديني، وغيرها من المواضيع الشائكة اجتماعياً في المنطقة.
يكبر العربي بلا هوية سياسية واضحة يعرف نفسه بها، مما يدفع البعض إلى ربط أنفسهم بمصطلحات لا يعرفون معناها بشكل تام. فهناك من يقول إنه يؤمن بالديمقراطية، وهو لا يستطيع أن يفرق بين النظام السياسي في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا. وهناك من يقول إنه ليبرالي وهو لا يعرف أصلاً بأن لها شِقاً اقتصادياً بجانب شقها السياسي. هذا الجهل أو التجاهل الفكري لموضوع مهم كالتوجهات السياسية، له آثاره السلبية، فالجهل يولد العصبية والعنصرية وعدم تقبل المختلف. هذا الجهل والتجاهل هو ما جعل الأجيال السابقة من العرب تدعم القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تدعم وتكيّف وتسبب مواقف القادة العرب المختلفة، كل بحسب قوته وتأثيره.
هذا التجاهل هو ما سيولد أجيالاً جديدة قد يمتد جهلها إلى العجز عن الوقوف في وجه الإرهاب وأفكاره، لأنها لا تعرف موقفها من كل ما يجري حولها في العالم وفي موطنها.
يظن الكثير بأنه ليس بلازم بأن يكون للشخص رأي أو موقف، أو أن ينتمي إلى تيار أو اتجاه سياسي معين، والحقيقة بأنه ليس بلازم فعلاً الانتماء إلى تيار أو حزب سياسي، ولكن امتلاك الشخص رأياً سياسياً واجب عليه وحق على الأشخاص المرتبطين به. لا يجب عليه أن يعرف وصفاً محدداً لأفكاره وقناعاته، ولكن يجب عليه على الأقل أن يعرف ماذا يريد للعالم ودولته وللأفراد الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم. رفض الشخص امتلاك رأي سياسي معين هو رأي سياسي بحد ذاته. وهذا أقل المطلوب.
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق