الخميس، 16 فبراير 2017

مبدعو قطر

يخطئ الكثير عند اعتقادهم بأن المبدع يجب أن يكون فناناً، وليس هذا هو الحال.. وإن كان الفنان بالضرورة مبدعاً! وإلا كان طالب رياضيات ومنطق، يصفُ الكلمات والخطوط والألوان والصور بجانب بعضها البعض، أملاً في أن تكون، بوضوحها الزائد، فناً! جهلاً بأن الفن في معظمه هو اللامنطق والغموض، لا العكس!
المبدع هو من يتقن الشيء -أي شيء- مع إضافة الكثير من البريق له، بحيث إنه حتى وإن قام شخص آخر بالشيء نفسه بإتقان، لن يكون العمل حاملاً للقيمة ذاتها.
المبدع هو شخص حاول وتعب كثيراً حتى أصبح الإبداع جزءاً منه، يصل إليه دون تفكير. وعندما أفكر بالمبدعين الذين أتشرف بمعرفتهم ووجودهم في حياتي، يقفز إلى رأسي أشخاص ثلاثة، أولهم أمي التي وجدت أن مواهبها تعدت الرسم والطبخ والخط حتى الإبداع في جعل حياتي وحياة إخوتي تنساب بسهولة عبر فتحة الزمن. لا يمكنني أن أذكر لحظة واحدة كانت فيها حياتي صعبة، وذلك بسبب أمي.
ثاني المبدعين، أختي، قاضي المشكلات. لا تمر عليها أية معضلة إلا وتجد لها حلاً هنا أو هناك، طال الوقت أم قصر!
وأخيراً، صاحبتي الدبلوماسية. إبداعها يكمن في جعل أي شخص تريده -عبر قدراتها الاجتماعية- صديقاً لها. ولا أنسى ما حصل في دورة تدريبية شاركت فيها، عندما طلب المدرب من عشرة متدربين أن يشاركوا في نشاط يتمثل في معرفة كل منهم 5 معلومات عن بعضهم البعض خلال عشرين دقيقة. صعُب النشاط على الكثير منهم، وكانت الوحيدة التي حصلت على 10 معلومات عن جميع المتدربين!
قد يقول البعض بأن ما ذكرته يختلف عن الإبداع، وهي مواهب تُهدى إلى الناس، وإن جمعها البعض بالإبداع. وفي بعض الحالات يكون الإبداع بامتلاك الموهبة، ولكن ليس كل من يمتلك الموهبة يسعى وراء الإبداع أو يعمل على موهبته. وفي المقابل أكثر المبدعين هم أناس بلا موهبة أو القدرات اللازمة للنجاح في مجالهم، لكنهم أشخاص حاولوا كثيراً حتى نجحوا وأضافوا وعلّموا وعملوا حتى وضعهم الناس في ذاكرتهم وذاكرة التاريخ.
هناك نوعان من المبدعين، مبدعون يقفون أمام أعمالهم، ومبدعون يقفون خلف العمل.
في قطر، يتمثل النوع الأول في الأسماء الكبيرة من الكتاب والرياضيين والفنانين من المعروفين داخل وخارج قطر. أما النوع الثاني، فهم من يجتمعون للصورة التذكارية بعد الانتهاء من الحدث أو العشاء الذي توّج عملهم. هم المسؤولون عن الشقب ومطار حمد الدولي وكتارا وسوق واقف وأسباير، وعن الأمن في بلادنا.
كلا النوعين صنعا الأجزاء الكبيرة من قطر، وقطر من الضفة الأخرى، صنعتهم.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...